وفي رواية: أنه كان رجلا واحدا، وأنه قال: يا رسول الله، من كنت أظن به، فلم أكن أظن بك.
رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد (6 \ 337) nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري (3281) nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم (2174) (23) و(2175) (24 و 25) nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود (2470 و 2471) nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه (1779).
(14) ومن باب اجتناب التهم وما يجر إليها
قد تقدم الكلام على الاعتكاف لغة وشرعا في كتابه.
قول nindex.php?page=showalam&ids=199صفية رضي الله عنها: ( فأتيته أزوره ليلا، فحدثته ) دليل على جواز [ ص: 504 ] زيارة المعتكف، والتحدث معه، غير أنه يكره الإكثار من ذلك; لئلا يشتغل عما دخل إليه من التفرغ لعبادة الله تعالى، وعلى أنه لا تكره له الخلوة مع أهله في معتكفه، ولا الحديث معها، وإنما الممنوع المباشرة، لكن هذا للأقوياء، وأما من يخاف على نفسه غلبة شهوة، فلا يجوز؛ لئلا يفسد اعتكافه.
وقد كان كثير من الفضلاء يجتنبون دخول منازلهم في نهار رمضان مخافة الوقوع فيما يفسد الصوم، أو ينقص ثوابه.
و( ليقلبني ): يصرفني، وهو مفتوح الياء ثلاثيا، وهذا يدل على أن للمعتكف أن ينصرف في المسجد، وإلى بابه إذا دعته إلى ذلك حاجة; غير أنه لا يخرج من بابه إلا للأمور الضرورية التي تقدم ذكرها، وقد روي في هذا الحديث أنه إنما خرج معها إلى باب المسجد. وعلى هذا تأول nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، ولم يختلف العلماء: أنه لا يفسده خروجه إلى باب المسجد، وإن اختلفوا في كراهة تصرفه فيه لغير ضرورة، كزيارة مريض، أو صلاة على جنازة، أو صعود إلى المنارة للأذان، أو الجلوس إلى قوم ليصلح بينهم، فكرهnindex.php?page=showalam&ids=16867مالك كل ذلك في المشهور عنه.
و( الرسل ) بالكسر أيضا: اللبن. وقد جاء: أرسل القوم: صار لهم اللبن في مواشيهم.
و( الرسل ) بفتح الراء والسين: القطيع من الخيل، والإبل، والغنم، وجمعه: أرسال. يقال: جاءت الخيل أرسالا; أي: قطيعا قطيعا، و( إنما ) هنا لتحقيق المتصل بها، وتمحيق المنفصل عنها، كقوله تعالى: إنما الله إله واحد أي: الإلهية متحققة له منفية عن [ ص: 505 ] غيره. فكأنه قال: هذه nindex.php?page=showalam&ids=199صفية لا غيرها حسما لذريعة التهم، وردا لتسويل الشيطان ووسوسته، كما قد نص عليه، وإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتقي مواقع التهم عند قيام الأدلة القاطعة على عصمته كان غيره بذلك أولى.
وقوله: ( إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ) حمله بعض العلماء على ظاهره. فقال: إن الله تعالى جعل للشيطان قوة وتمكنا من أن يسري في باطن الإنسان، ومجاري دمه. والأكثر على أن معنى هذا الحديث: الإخبار عن ملازمة الشيطان للإنسان واستيلائه عليه بوسوسته، وإغوائه، وحرصه على إضلاله، وإفساد أحواله. فيجب الحذر منه، والتحرز من حيله، وسد طرق وسوسته، وإغوائه وإن بعدت.
وقد بين ذلك في آخر الحديث بقوله: ( إني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرا، فتهلكا ) وخصوصا في مثل هذا الذي يفضي بالإنسان إلى [ ص: 506 ] الكفر، فإن ظن السوء والشر بالأنبياء كفر.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض رحمه الله: في هذا الحديث من الفقه: إن من قال في النبي صلى الله عليه وسلم شيئا من هذا، أو جوزه عليه فهو كافر مستباح الدم.
و(قوله: يقذف في قلوبكما شرا ) أي: يرمي. ومنه: القذف أي الرمي، والقذافة: الآلة التي ترمى بها الحجارة. والشر هنا هو الكفر الذي ذكرناه. وفي غير nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : (فتهلكا) أي: بالكفر الذي يلزم عن ظن السوء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وذكر في الرواية الأخرى: أنه كان رجلا واحدا; فيحتمل أن يكون هذا في مرتين. ويحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - أقبل على أحدهما بالقول بحضرة الآخر، فتصح نسبة القصة إليهما جمعا وإفرادا، والله تعالى أعلم.