وقوله: " لا تلدوني " نهي ظاهر في المنع، فكان ينبغي لهم أن ينتهوا عن ذلك، غير أنهم تأولوا أن ذلك من باب ما علم من أحوال المرضى من كراهتهم [ ص: 602 ] الدواء، فخالفوه، فعاقبهم بأن اقتص منهم، ففعل بهم ما فعلوا به، فكان فيه دليل على مشروعية القصاص في كل شيء يتأتى فيه القصاص ، كما قال تعالى: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم
وقال بعض أصحابنا: فيه ما يدل على قتل الجماعة بالواحد; لأنهم لما تمالؤوا وتعاونوا على لده اقتص من جميعهم - وفيه بعد لإمكان مراعاة الفرق، فإنه يمكن أن يقال: جاز ذلك فيما لا إراقة دم فيه لخفته في مقصود الشرع، ولا يجوز ذلك في الدماء لحرمتها وعظم أمرها في مقصود الشرع، فلا يصح حمل أحدهما على الآخر، وإنما الذي يستنبط منه أن الحاضر في الجناية المعين عليها كالناظور الذي هو الطليعة كالمباشر له، فيقتص من الكل، لكن فيما لا دم فيه على ما قررناه، وقد نبه النبي - صلى الله عليه وسلم - على هذا المعنى بقوله: " إلا nindex.php?page=showalam&ids=18العباس فإنه لم يشهدكم ".