الكهان: جمع كاهن، ككتاب جمع كاتب، والكهانة: ادعاء علم الغيب، وقد تكلمنا على حديث معاوية بن الحكم في باب نسخ الكلام في الصلاة. قال القاضي أبو الفضل : الكهانة كانت في العرب على أربعة أضرب:
أحدها: أن يكون للإنسان رئي من الجن يخبره بما يسترق من السمع، وهذا [ ص: 633 ] القسم قد بطل منذ بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم كما نص الله تعالى عليه في الكتاب.
والثاني: أن يخبره بما يطرأ ويكون في أقطار الأرض، وما يخفى مما قرب أو بعد، وهذا لا يبعد وجوده.
ونفت هذا كله المعتزلة وبعض المتكلمين وأحالوه، ولا استحالة ولا بعد في وجود مثل هذا، لكنهم بعد يكذبون، والنهي عام في تصديقهم والسماع منهم.
الثالث: التخمين والحزر، وهذا يخلق الله فيه لبعض الناس شدة قوة، لكن الكذب في هذا الباب أغلب. قال: ومن هذا الباب العرافة، وصاحبها عراف، وهو الذي يستدل على الأمور بأسباب ومقدمات يدعي معرفتها. وقد يعتضد بعض أهل هذا الفن في ذلك بالزجر والطرق والنجوم وأسباب معتادة في ذلك، وهذا الفن هي العيافة – بالياء - وكلها ينطلق عليها اسم الكهانة.
قلت: وإذا كان كذلك فسؤالهم عن غيب ليخبروا عنه حرام، وما يأخذون على ذلك حرام، ولا خلاف فيه; لأنه حلوان الكاهن المنهي عنه.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13332أبو عمر : ويجب على من ولي الحسبة أن يقيمهم من الأسواق وينكر عليهم أشد النكير، ولا يدع أحدا يأتيهم لذلك، وإن ظهر صدق بعضهم في بعض الأمور فليس ذلك بالذي يخرجهم عن الكهانة، فإن تلك الكلمة إما خطفة جني أو موافقة قدر ليغتر به بعض الجهال، ولقد انخدع كثير من المنتسبين للفقه والدين فجاؤوا إلى هؤلاء الكهنة والعرافين فبهرجوا عليهم بالمحال، واستخرجوا منهم الأموال، فحصلوا من أقوالهم على السراب والآل، ومن أديانهم على الفساد والضلال.