(قوله للأعرابي الذي أخبره: أنه رأى أن رأسه قد قطع: " لا تخبر بتلعب الشيطان بك في منامك "، دليل على منع أن يخبر الإنسان بما يراه في منامه مما [ ص: 28 ] يكرهه، مما يظن أنه من الشيطان. وقد تقدم بيان ذلك. وهذه المنام على مساق هذا الحديث ليس في ظاهرها ما يدل على أنها من الشيطان، غير أن النبي صلى الله عليه وسلم علم أنها من الشيطان بطريق آخر غير ظاهرها، [فإما أن يكون ذكر الرائي ما يدل على ذلك، ولم ينقله الراوي، وإما أن يكون ذلك من باب الوحي وهو الظاهر. وقد ذكر أهل العلم بالعبارة قطع الرأس في النوم، وذكروا: أنه يدل على زوال نعم الرائي، أو سلطانه، أو تغير حاله، أو مفارقة من هو فوقه، فإن كان عبدا دل على عتقه، أو مريضا فعلى شفائه، أو مديانا فعلى قضاء دينه، أو صرورة فعلى حجه، أو مغموما فعلى فرجه، أو خائفا فعلى أمنه، إلى غير ذلك مما وسعوا القول فيه. وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة في كتاب " أصول العبارة " أن رجلا قال: يا رسول الله ! رأيت فيما يرى النائم كأن رأسي قطع فجعلت أنظر إليه بإحدى عيني ! فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وقال: " بأيتهما كنت تنظر إليه؟ " فلبث ما شاء الله، ثم قبض النبي صلى الله عليه وسلم فعبر الناس: أن الرأس كان النبي صلى الله عليه وسلم وأن النظر إليه كان اتباع السنة.