رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم (2278) (3)، nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود (4763)، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي (3615).
و (قوله: " أنا أول من ينشق عنه القبر ") يعني: أنه أول من يعجل إحياؤه [ ص: 49 ] مبالغة في إكرامه، وتخصيصا له بتعجيل جزيل إنعامه. ويعارض هذا قوله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: " أنه أول من يبعث، فيجد موسى متعلقا بساق العرش ". وسيأتي هذا مبينا في باب: ذكر موسى عليه السلام إن شاء الله تعالى.
و (قوله: " وأول شافع، وأول مشفع ") قد تقدم القول في الشفاعة وأقسامها في الإيمان. ومقصود هذا الحديث أن يبين أنه لا يتقدمه شافع، لا من الملائكة، ولا من النبيين، ولا من المؤمنين، في جميع أقسام الشفاعات، على أن الشفاعة العامة لأهل الموقف خاصة لا تكون لغيره. وهذه المنزلة أعظم المراتب وأشرف المناقب، وهذه الخصائص والفضائل التي حدث بها النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه، إنما كان ذلك منه لأنها من جملة ما أمر بتبليغه، لما يترتب عليها من وجوب اعتقاد ذلك، وأنه حق في نفسه، وليرغب في الدخول في دينه، وليتمسك به من دخل فيه، وليعلم قدر نعمة الله عليه في أن جعله من أمة من هذا حاله، ولتعظم محبته في قلوب متبعيه، فتكثر أعمالهم، وتطيب أحوالهم، فيحشرون في زمرته، وينالون الحظ الأكبر من كرامته. وعلى الجملة فيحصل بذلك شرف الدنيا، وشرف الآخرة؛ لأن شرف المتبوع متعد لشرف التابع على كل حال.
فإن قيل: كل هذا راجع للاعتقاد، وكيف يحصل القطع بذلك من أخبار الآحاد؟ فالجواب: أن من سمع شيئا من تلك الأمور من النبي صلى الله عليه وسلم مشافهة حصل له العلم بذلك، كما حصل للصحابة السامعين منه، ومن لم يشافهه، فقد يحصل له العلم بذلك من جهة التواتر المعنوي، إذ قد كثرت بذلك الظواهر، وأخبار الآحاد حتى حصل لسامعها العلم القطعي بذلك المراد.