رواه مسلم ( 262 ) ، وأبو داود ( 7 ) ، والترمذي ( 16 ) ، والنسائي ( 1 \ 38 - 39 ) .
[ ص: 516 ] (9) ومن باب الاستنجاء
(قوله : " قد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة ") هو بكسر الخاء ممدود مهموز ، وهو اسم فعل الحدث ، وأما الحدث نفسه فبغير تاء ممدود ، وتفتح خاؤه وتكسر ، ويقال : بفتحها وسكون الراء والقصر من غير مد .
و (قوله : " أجل ") أي : نعم . قال nindex.php?page=showalam&ids=13674الأخفش : إلا أنه أحسن من نعم في الخبر ، ونعم أحسن منه في الاستفهام ، وهما لتصديق ما قبلهما مطلقا ، نفيا كان أو إيجابا ، فأما " بلى " فهو جواب بعد النفي عاريا من حرف الاستفهام ، أو مقرونا به . قال الجوهري : بلى ; إيجاب لما يقال لك ; لأنها ترد النفي ، وربما ناقضتها نعم . فإذا قال : ليس لك وديعة . فقولك : نعم ، تصديق له ، وبلى تكذيب له .
و ( قوله : " نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول " ) دليل لمن ذهب إلى منع الاستقبال والاستدبار مطلقا ، وهو nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة في المشهور عنه ، وزاد nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين : منع استقبال القبلة المتقدمة واستدبارها . وكأن هؤلاء لم يبلغهم حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر الآتي ، أو لم يصلح عندهم للتخصيص ; لأنه فعل في خلوة . وذهب ربيعة وداود : إلى جواز ذلك مطلقا ; متمسكين بحديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، وبما رواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=662379نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستقبل القبلة ببول ، فرأيته قبل أن يموت بعام يستقبلها " . قال : وقال فيه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : هو صحيح .
[ ص: 517 ] وذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إلى التفريق بين القرى والصحارى تعويلا على أن حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مخصص لأحاديث النهي . وأما مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك فهو أنه إذا كان ساتر وكنف ملجئة إلى ذلك جاز ، وإن كان الساتر وحده فروايتان . وسبب هذا الاختلاف : اختلاف هذه الأحاديث ، وبناء بعضها على بعض . وقد أشرنا إلى ذلك . وقد تقدم القول على قوله : " وأن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار " . والضابط فيما يستنجى به عندنا : كل طاهر منق ، ليس بمطعوم ولا ذي حرمة ، ولا تخفى قيوده .
و " الرمة " العظم البالي ، وقد أطلق عليه أيضا : الحائل ; أي : قد أتت عليه أحوال فحال ، ويمكن جريان العلة المتقدمة في الرمة من حيث هو عظم فيجدون عليها طعاما ، كما قد صح . وقيل : لأنها تتفتت فلا تثبت عند الاستنجاء بها ، ولا يتأتى بها قلع ما هنالك . وقيل : لأنها تصير مثل الزجاج من حيث ملوستها فلا تقلع شيئا .
" والحمم " الفحم ، وعلل بأنه زاد الجن ، وهو أيضا لا صلابة لأكثره ، فيتفتت عند الاستنجاء ، ويلوث الجسد ويسخمه ، والدين مبني على النظافة .
تنبيه :
إن وقع الاستنجاء والإنقاء بالطاهر المنقي المنهي عن الاستنجاء به فإنه يجزئه عندنا . وهل يعيد الصلاة في الوقت أو لا ؟ قولان ، وكذلك مسألة من استنجى بيمينه فإنه أساء وأجزأه . وقال أهل الظاهر : لا يجزئه لاقتضاء النهي فساد المنهي عنه . وعند الجمهور لا يقتضيه ، وأيضا فإن الجمهور صرفوا هذا النهي [ ص: 519 ] إلى غير ذات المنهي عنه ، وهو احترام المطعوم واليمين ، والمطلوب - الذي هو الإنقاء - قد حصل ، فيجزئ عنه . ونهيه في حديث nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة عن إمساك الذكر باليمين ، وعن التمسح في الخلاء باليمين ، يلزم منهما تعذر . اختلف علماؤنا في كيفية التخلص منه ; فقال nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري : يأخذ ذكره بشماله ثم يمسح به حجرا ليسلم على مقتضى الحديثين . قال الشيخ - رحمه الله - : وهذا إن أمكنه حجر ثابت ، أو أمكنه أن يسترخي فيتمسح بالأرض ; فأما إذا لم يمكنه شيء من ذلك ؟ فقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : يجلس على الأرض ويمسك برجليه الشيء الذي يتمسح به ويتناول ذكره بشماله .
قال الشيخ : وقد يكون بموضع لا يتأتى له فيه الجلوس ، فقال عياض : الأولى من ذلك : أن يأخذ ذكره بشماله ، ثم يأخذ الحجر بيمينه ، فيمسكه أمامه ، ويتناول بالشمال تحريك رأس ذكره ، ويمسحه بذلك ، دون أن يستعمل اليمين في غير إمساك ما يتمسح به . قال الشيخ : وهذه الكيفية أحسنها لقلة تكلفها وتأتيها ، ولسلامتها عن ارتكاب منهي عنه ; إذ لم يمسك ذكره باليمين ولم تمسح به ، وإنما أمسك ما يتمسح به .