و (قوله: " فأعطاه غنما بين جبلين ") يعني: ملء ما بين جبلين كانا هنالك، وكان هذا - والله أعلم - يوم حنين لكثرة ما كان هنالك من غنائم الإبل، والبقر، والغنم، والذراري، ولأن هذا الذي أعطي هذا القدر كان من المؤلفة قلوبهم، ألا ترى أنه رجع إلى قومه فدعاهم إلى الإسلام لأجل العطاء.
و (قوله: " إن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا ") يعني: أنهم كان منهم من ينقاد فيدخل في الإسلام لكثرة ما كان يعطي النبي صلى الله عليه وسلم من يتألفه على الدخول فيه، فيكون قصده بالدخول فيه الدنيا، وهذا كان حال الطلقاء يوم حنين على ما مر.
و (قوله: " فما يسلم حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها ") ظاهر [ ص: 106 ] مساق هذا الكلام أن إسلامه الأول لم يكن إسلاما صحيحا؛ لأنه كان يبتغي به الدنيا، وإنما يصح له الإسلام إذا استقر الإسلام بقلبه، فكان آثر عنده، وأحب إليه من الدنيا وما عليها، كما قال تعالى: قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا [التوبة: 24] وهذا معنى صحيح، ولكنه ليس بمقصود الحديث، وإنما مقصود nindex.php?page=showalam&ids=9أنس من الحديث: أن الرجل كان يدخل في دين الإسلام رغبة في كثرة العطاء، فلا يزال يعطى حتى ينشرح صدره للإسلام، ويستقر فيه، ويتنور بأنواره، حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما فيها، كما صرح بذلك صفوان حيث قال: والله لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطاني، وإنه لأبغض الناس إلي، فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلي. وهكذا اتفق لمعظم المؤلفة قلوبهم.