4390 [ 2293 ] وعن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد nindex.php?page=hadith&LINKID=661398أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر فقال: " عبد خيره الله بين أن يؤتيه زهرة الدنيا، وبين ما عنده فاختار ما عنده". فبكى nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر وبكى فقال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا ! قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير، وكان nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر أعلمنا به. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أمن الناس علي في ماله وصحبته nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر خليلا، ولكن أخوة الإسلام، لا تبقين في المسجد خوخة إلا خوخة nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر".
و (قوله صلى الله عليه وسلم: " عبد خيره الله تعالى بين أن يؤتيه زهرة الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عنده ") هذا قول فيه إبهام، قصد به النبي صلى الله عليه وسلم اختبار أفهام أصحابه، وكيفية تعلق قلوبهم به، فظهر أن nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر كان عنده من ذلك ما لم يكن عند أحد منهم، ولما فهم من ذلك ما لم يفهموا بادر بقوله: " فديناك بآبائنا وأمهاتنا "، ولذلك قالوا: " فكان nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر أعلمنا ". وهذا يدل من nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر رضي الله عنه على أن قلبه ممتلئ من محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومستغرق عنه، وشديد الاعتناء بأموره كلها من أقواله وأحواله بحيث لا يشاركه أحد منهم في ذلك. ولما علم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك منه، وصدر منه في ذلك الوقت ذلك الفهم عنه اختصه بالخصوصية العظمى التي لم يظفر بمثلها بشري في الأولى ولا في الآخرة. فقال: " إن أمن الناس علي في صحبته وماله nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر ، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر خليلا "، فقد تضمن [ ص: 241 ] هذا الكلام: أن لأبي بكر من الفضائل، والحقوق ما لا يشاركه فيها مخلوق. ووزن أمن: أفعل، من المنة بمعنى الامتنان، أي: أكثر منة، ومعناه: أن nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر رضي الله عنه له من الحقوق ما لو كانت لغيره لامتن بها، وذلك: أنه رضي الله عنه بادر النبي صلى الله عليه وسلم بالتصديق، والناس كلهم مكذبون، وبنفقة الأموال العظيمة، والناس يبخلون، وبالملازمة والمصاحبة، والناس ينفرون، وهو مع ذلك بانشراح صدره، ورسوخ علمه يعلم: أن لله ولرسوله الفضل والإحسان، والمنة والامتنان، لكن النبي صلى الله عليه وسلم بكرم خلقه، وجميل معاشرته اعترف بالفضل لمن صدر عنه، وشكر الصنيعة لمن وجدت منه، عملا بشكر المنعم، ليسن، وليعلم، وهذا مثل ما جرى له يوم حنين مع الأنصار ، حيث جمعهم فذكرهم بما له عليهم من المنن، ثم اعترف لهم بما لهم من الفضل الجميل الحسن، وقد تقدم في الزكاة. وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " nindex.php?page=hadith&LINKID=665964ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافأناه عليها ما خلا nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر ، فإن له عندنا يدا يكافئه الله تعالى بها يوم القيامة، وما نفعني مال أحد كما نفعني مال nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر ... "، وذكر الحديث، وقال: هو حسن غريب.
و (قوله: " ولو كنت متخذا خليلا، لاتخذت nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر خليلا ") متخذا: اسم فاعل من اتخذ، وهو فعل يتعدى إلى مفعولين، أحدهما بحرف الجر، فيكون [ ص: 242 ] بمعنى: اختار واصطفى، كما قال: واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار [الأعراف: 148] وقد سكت هنا عن أحد مفعوليها، وهو الذي دخل عليه حرف الجر، فكأنه قال: لو كنت متخذا من الناس خليلا لاتخذت منهم nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر . ولبسط الكلام في ذلك علم النحو، وحاصله: أن " اتخذ " استعملت على ثلاثة أنحاء:
أحدها: تتعدى لمفعولين بنفسها.
وثانيها: تتعدى لأحدهما بحرف الجر.
وثالثها: تتعدى لمفعول واحد، وكل ذلك موجود في القرآن.
ومعنى هذا الحديث: أن nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر رضي الله عنه كان قد تأهل لأن يتخذه النبي صلى الله عليه وسلم خليلا، لولا المانع الذي منع النبي صلى الله عليه وسلم وهو أنه لما امتلأ قلبه بما تخلله من معرفة الله تعالى، ومحبته، ومراقبته، حتى كأنه مزجت أجزاء قلبه بذلك، لم يتسع قلبه لخليل آخر يكون كذلك فيه، وعلى هذا فلا يكون الخليل إلا واحدا، ومن لم ينته إلى ذلك ممن تعلق القلب به فهو حبيب، ولذلك أثبت لأبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة - رضي الله عنهما - أنهما أحب الناس إليه، ونفى عنهما الخلة، وعلى هذا فالخلة فوق المحبة، وقد اختلف أرباب القلوب في ذلك، فذهب الجمهور: إلى أن الخلة أعلى، تمسكا بما ذكرناه، وهو متمسك قوي ظاهر، وذهب أبو بكر بن فورك إلى أن المحبة أعلى، واستدل على ذلك: بأن الاسم الخاص بمحمد صلى الله عليه وسلم: الحبيب، وبإبراهيم : الخليل. ودرجة نبينا صلى الله عليه وسلم أرفع، فالمحبة أرفع. وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض هذه المسألة في كتاب " الشفا "، واستوفى فيها البحث، فلتنظر [ ص: 243 ] هناك، وقد ذكرنا اختلاف الناس في الخلة في كتاب الإيمان.