[ ص: 385 ] (56) ومن باب : فضائل nindex.php?page=showalam&ids=262أبي دجانة رضي الله عنه
هو سماك بن خرشة بن لوذان الخزرجي الأنصاري ، وهو مشهور بكنيته ، شهد بدرا وأحدا ، ودافع عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يومئذ هو nindex.php?page=showalam&ids=104ومصعب بن عمير ، وكثرت فيه الجراحة ، وقتل مصعب .
وكان nindex.php?page=showalam&ids=262أبو دجانة أحد الشجعان ، له المقامات المحمودة مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مغازيه ، استشهد يوم اليمامة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=9أنس : رمى nindex.php?page=showalam&ids=262أبو دجانة بنفسه في الحديقة فانكسرت رجله ، فقاتل حتى قتل ، وقيل : إنه شارك وحشيا في قتل مسيلمة . وقد قيل : إنه عاش حتى شهد مع nindex.php?page=showalam&ids=8علي صفين - والله تعالى أعلم . قال nindex.php?page=showalam&ids=13332أبو عمر : إسناد حديثه في الحرز المنسوب إليه فيه ضعف .
وقوله صلى الله عليه وسلم " من يأخذ مني هذا السيف بحقه ؟ " ، يعني بالحق هنا أنه يقاتل بذلك السيف إلى أن يفتح الله تعالى على المسلمين أو يموت ، فلما سمعوا هذا أحجموا ، أي : تأخروا ، يقال : أحجم وأجحم بتقديم الحاء وتأخيرها . فأخذه nindex.php?page=showalam&ids=262أبو دجانة وقام بشرطه ، ووفى بحقه .
و " هام المشركين " مخففا ، يعني رؤوسهم ، قال :
نضرب بالسيوف رؤوس قوم أزلنا هامهن عن المقيل
المقيل : أصول الأعناق .
[ ص: 386 ] وأما nindex.php?page=showalam&ids=36جابر فهو عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاري السلمي ، وهو أحد النقباء ، شهد العقبة وبدرا ، وقتل يوم أحد ومثل به .
قلت : وقد تضمن هذا الحديث فضيلة عظيمة لعبد الله لم يسمع بمثلها لغيره ، وهي : أن الله تعالى كلمه مشافهة بغير حجاب حجبه به ولا واسطة قبل يوم القيامة ، ولم يفعل الله تعالى ذلك مع غيره في هذه الدار ، كما قال تعالى : وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا [الشورى : 51] وكما قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذا الحديث : " وما كلم الله أحدا قط إلا من وراء حجاب " ، وظاهر هذه الآية وهذا الحديث أن الله تعالى لم يفعل هذا في هذه الدار لحي ولا لميت إلا لعبد الله هذا خاصة ، فيلزم على هذا العموم أنه قد خص من ذلك بما لم يخص به أحد من الأنبياء ، وهذا مشكل بالمعلوم من ضرورة الشرع ومن إجماع المسلمين على أن درجة الأنبياء وفضيلتهم أعظم من درجة الشهداء والأولياء كما تقدم ، فوجه التلفيق أن [ ص: 387 ] قوله صلى الله عليه وسلم: " وما كلم الله أحدا إلا من وراء حجاب " إنما يعني به - والله أعلم - أنه ما كلم أحدا من الشهداء وممن ليس بنبي بعد موته – وقيل: يوم القيامة - إلا عبد الله ، ولم يرد به الأنبياء ولا أراد بعد يوم القيامة لما قد علم أيضا من الكتاب والسنة وإجماع أهل السنة من أن المؤمنين يرون الله تعالى في الجنة ويكلمهم بغير حجاب ولا واسطة .
وأما الآية فإنما مقصودها حصر أنواع الوحي الواصل إلى الأنبياء من الله تعالى ، فمنه ما يقذفه الله تعالى في قلب النبي وروعه ، ومنه ما يسمعه الله تعالى للنبي مع كون ذلك النبي محجوبا عن رؤية الله تعالى ، ومنه ما يبلغه له الملك ، وحاصلها الإعلام بأن الله تعالى لم يره أحد من البشر في هذه الدار نبيا كان أو غير نبي ، ويشهد لهذا قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الصحيح : " اعلموا أنه لا يرى أحد ربه حتى يموت " .
وقد تقدم الخلاف في رؤية نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ لربه ، والصحيح أنه لم يأت قاطع بذلك ، والأصل بقاء ما ذكرناه على ما أصلناه ، والله تعالى أعلم .