المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
416 [ 212 ] وعن أبي هريرة ; أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا استيقظ أحدكم من نومه . فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا . فإنه لا يدري أين باتت يده .

رواه أحمد ( 2 \ 241 ) ، والبخاري ( 162 ) ، ومسلم ( 238 ) ، وأبو داود ( 103 - 105 ) ، والترمذي ( 24 ) ، والنسائي ( 1 \ 6 - 7 ) .


[ ص: 536 ] و (قوله : " إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء ") تمسك داود والطبري بظاهر هذا الخبر ; فأوجبا غسل اليدين على من قام من النوم ليلا أو نهارا للوضوء ، وحكما بأن الماء ينجس إن لم يغسل يديه قبل أن يدخلهما فيه . وخصه ابن حنبل وبعض أهل الظاهر بنوم الليل خاصة ; لأنهما فهما من لفظ البيات نوم الليل ; لما رواه أبو داود في هذا الحديث حيث قال : " إذا استيقظ أحدكم من الليل " ، وذكر الحديث .

وذهب الجمهور إلى أن ذلك على جهة الاستحباب ; بدليل تعليله في آخره بقوله : " فإنه لا يدري أين باتت يده " . ومعنى ذلك : أن يد النائم تجول في مغابنه ومواضع استجماره ، وأعراقه ، فقد يتعلق باليد منها شيء ، فيؤدي إلى إفساد الماء ، على قول من يرى أن قليل النجاسة ينجس قليل الماء ، أو إلى عيافته على قول من يرى أنها لا تنجسه إلا أن تغيره .

واحتج أصحاب الشافعي بهذا الحديث على الفرق بين ورود النجاسة على الماء ، وبين ورود الماء على النجاسة ، ولا يصح لهم ذلك حتى يصح لهم أن هذا الحديث يفيد أن قليل النجاسة ينجس الماء وإن لم تغيره ، وذلك ممنوع ; فإنه يحتمل أن يكون نهيه عن ذلك ; لأنه يصير الماء مما يعاف ، لا أنه ينجس ، والله تعالى أعلم .

ومن هذا الحديث فهم أشهب أن حكم غسل اليد في الوضوء الاستحباب للشاك في نظافة يده ، وقد قدمنا مأخذ ابن القاسم .

التالي السابق


الخدمات العلمية