هؤلاء القبائل ، وأسلم ، وغفار ، ومن كان نحوهم ، كانوا بالجاهلية خاملين ، لم يكونوا من سادات العرب ، ولا من رؤسائها كما كانت بنو تميم ، وبنو عامر ، [ وبنو أسد ، وغطفان ، ألا ترى قول الأقرع بن حابس للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : إنما بايعك سراق الحجيج من أسلم ، وغفار ، ومزينة ] وجهينة ، لكن هؤلاء القبائل سبقوا للإسلام ، وحسن بلاؤهم فيه ، فشرفهم الله تعالى به ، وفضلهم على من ليس بمؤمن من سادات العرب بالإسلام ، وعلى من تأخر إسلامه بالسبق ، كما شرف nindex.php?page=showalam&ids=115بلالا ، nindex.php?page=showalam&ids=56وعمارا ، nindex.php?page=showalam&ids=52وصهيبا ، وسلمان على صناديد قريش ، وعلى أبي سفيان nindex.php?page=showalam&ids=33ومعاوية وغيرهم من المؤلفة قلوبهم كما تقدم ، فأعز الله بالإسلام الأذلاء ، وأذل به الأعزاء بحكمته الإلهية ، وقسمته الأزلية قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنـزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير [آل عمران: 26]، وعلى هذا فقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " nindex.php?page=hadith&LINKID=661585مزينة ، وجهينة ، وغفار ، وأشجع ، ومن كان من بني عبد الله موالي دون الناس " جبر لهم من كسرهم ، وتنويه بهم من خمولهم ، وتفخيم لأمر الإسلام وأهله ، وتحقير لأهل الشرك ، ولمن دخل في الإسلام ولم يخلص فيه ، كالأقرع بن حابس ، وغيره ممن كان على مثل حاله ، وهذا التفضيل ، [ ص: 474 ] والتنويه إنما ورد جوابا لمن احتقر هذه القبائل بعد إسلامها ، وتمسك بفخر الجاهلية وطغيانها ، فحيث ورد تفضيل هذه القبائل مطلقا فإنه محمول على أنهم أفضل من هذه القبائل المذكورين معهم ، في محاورة الأقرع ، وهو آخر حديث ذكرناه ، فإنه مفسر لما تقدم ، ومقيد له .
و (قوله : " والله ورسوله مولاهم ") كذا الرواية بتوحيد مولاهم ، وهذا نحو [ ص: 475 ] قوله تعالى : والله ورسوله أحق أن يرضوه [التوبة: 6] فوحد الضمير ، لأنه عائد على الله ، ورفع رسوله بالابتداء، وخبره مضمر تقديره : والله أحق أن يرضوه ، ورسوله كذلك وعلى هذا : فتقدير الحديث : والله مولاهم، ورسوله كذلك .