(قوله : " أين المتحابون بجلالي ") هذا نداء تنويه وإكرام ، ويجوز أن يخرج هذا الكلام مخرج الأمر لمن يحضرهم مكرمين منوها بهم . و (لجلالي) روي باللام وبالباء ، ومعناهما متقارب ، لأن المقصود بهما هنا : السببية ، أي : لعظيم حقي وحرمة طاعتي ، لا لغرض من أغراض الدنيا .
[ ص: 542 ] و (قوله : " اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي ") قيل : هذه الإضافة إضافة تشريف وإكرام ؛ إذ الظلال كلها ملكه وخلقه .
قلت : وأولى من هذا التأويل : أنه يعني به : ظل العرش ؟ كما قد جاء في رواية أخرى . فيعني - والله تعالى أعلم - : أن في القيامة ظلالا بحسب الأعمال الصالحة تقي صاحبها من وهج الشمس ولفح النار ، وأنفاس الخلق ، كما قال صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=697540الرجل في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس " ، ولكن ظل العرش أعظم الظلال وأشرفها ، فيخص الله به من يشاء من صالح عباده ، ومن جملتهم المتحابون لجلال الله . فإن قيل : كيف يقال : في القيامة ظلال بحسب الأعمال ؟ وقد قال صلى الله عليه وسلم : " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله " ، وهو ظل العرش المذكور في الحديث ؟ قلنا : يمكن أن يقال : كل ظل في القيامة إنما هو له ، لأنه بخلقه واختراعه بحسب ما يريده تعالى من إكرام من يخصه به ؛ فعلى هذا يكون كل واحد من هؤلاء السبعة في ظل يخصه ، وكلها ظل الله ، لا ظل غيره ؛ إذ ليس لغيره هنالك ظل ، ولا يقدر له على سبب . ويحتمل أن يقال : إنه ليس هنالك إلا ظل واحد ، وبه يستظل المؤمنون ، لكن لما كان الاستظلال بذلك الظل لا ينال إلا بالأعمال الصالحات نسب لكل عمل ظل ؛ لأنه به وصل إليه . والله تعالى أعلم . وهذا كله بناء على أن الظلال حقيقة لا مجاز ، وهو قول جمهور العلماء . وقال [ ص: 543 ] nindex.php?page=showalam&ids=16741عيسى بن دينار : إن معناه : يكنهم من المكاره ، ويجعلهم في كنفه وستره ، كما يقول : أنا في ظلك . أي : في ذراك وسترك .