(قوله : كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار ) في الصحاح : [ ص: 559 ] الكسع : أن تضرب دبر الإنسان بيدك ، أو بصدر قدمك ، يقال : اتبع فلان أدبارهم يكسعهم بالسيف ، مثل : يكسؤهم ، أي : يطردهم ، ومنه قول الشاعر:
كسع الشتاء بسبعة غبر . . . . . . . . . . .
ووردت الخيل يكسع بعضها بعضا .
و (قوله : " انصر أخاك ظالما أو مظلوما ") هذا من الكلام البليغ الوجيز الذي قل من ينسج على منواله ، أو يأتي بمثاله ، وأو فيه للتنويع والتقسيم ، وإنما سمي رد الظالم نصرا ، لأن النصر هو العون . ومنه قالوا : أرض منصورة ، أي : معانة بالمطر ، ومنع الظالم من الظلم عون له على مصلحة نفسه ، وعلى الرجوع إلى الحق ، فكان أولى بأن يسمى نصرا .
ودعوى الجاهلية : تناديهم عند الغضب ، والاستنجاد : يا آل فلان ! يا بني [ ص: 560 ] فلان ! وهي التي عنى بقوله : " دعوها فإنها منتنة " أي : مستخبثة ، قبيحة ، لأنها تثير التعصب على غير الحق ، والتقاتل على الباطل ، ثم إنها تجر إلى النار ، كما قال : " من دعا بدعوى الجاهلية فليس منا ، وليتبوأ مقعده من النار " . وقد أبدل [ ص: 561 ] الله من دعوى الجاهلية دعوى المسلمين ، فينادى : يا للمسلمين ! كما قال صلى الله عليه وسلم : " فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين " . وكما نادى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب -رضي الله عنه - حين طعن : يا لله ! يا للمسلمين ! . فإذا دعا بها المسلم وجبت إجابته ، والكشف عن أمره على كل من سمعه ؟ فإن ظهر أنه مظلوم نصر بكل وجه ممكن شرعي؛ لأنه إنما دعا للمسلمين لينصروه على الحق . وإن كان ظالما كف عن الظلم بالملاطفة والرفق ، فإن نفع ذلك ، وإلا أخذ على يده ، وكف عن ظلمه ؛ فإن الناس إذا رأوا الظالم ، فلم يأخذوا على يديه : أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده ، ثم يدعونه فلا يستجاب لهم .