أحدهما : أنه بقدر ما ينقص منه يزيد الله فيه ، وينميه ويكثره .
الثاني : أنه وإن نقص في نفسه ففي الأجر والثواب ما يجبر ذلك النقص بأضعافه .
و (قوله : " ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا ") فيه أيضا وجهان :
[ ص: 575 ] أحدهما : ظاهره ، فإن من عرف بالصفح والعفو ساد وعظم في القلوب .
والثاني : أن يكون أجره وثوابه وجاهه وعزه في الآخرة أكثر .
و (قوله : " وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله ") التواضع : الانكسار والتذلل ، ونقيضه التكبر والترفع . والتواضع يقتضي متواضعا له ، فإن كان المتواضع له هو الله تعالى ، أو من أمر الله بالتواضع له كالرسول ، والإمام والحاكم ، والوالد ، والعالم ، فهو التواضع الواجب المحمود ، الذي يرفع الله تعالى به صاحبه في الدنيا والآخرة ، وأما التواضع لسائر الخلق فالأصل فيه أنه محمود ، ومندوب إليه ، ومرغب فيه ، إذا قصد به وجه الله ، ومن كان كذلك رفع الله تعالى قدره في القلوب ، وطيب ذكره في الأفواه ، ورفع درجته في الآخرة .
وأما التواضع لأهل الدنيا ، ولأهل الظلم ، فذلك هو الذل الذي لا عز معه ، والخسة التي لا رفعة معها ، بل يترتب عليها ذل الآخرة . وكل صفقة خاسرة - نعوذ بالله من ذلك - وقد تقدم الكلام على العفو والستر .