قوله - صلى الله عليه وسلم - : " nindex.php?page=hadith&LINKID=661712إني لم أبعث لعانا ، وإنما بعثت رحمة ") كان هذا منه صلى الله عليه وسلم بعد دعائه على رعل وذكوان وعصية ، الذين قتلوا أصحابه ببئر معونة ، فأقام النبي صلى الله عليه وسلم شهرا يدعو عليهم ، ويلعنهم في آخر كل صلاة من الصلوات الخمس ، يقنت بذلك ، حتى نزل عليه جبريل فقال : " إن الله تعالى لم يبعثك لعانا ولا سبابا ، وإنما بعثك رحمة ولم يبعثك عذابا " ثم أنزل الله تعالى : ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون [آل عمران : 128] على ما خرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود في مراسيله من حديث nindex.php?page=showalam&ids=15790خالد بن أبي عمران ، وفي الصحيحين ما يؤيد ذلك ويشهد بصحته .
و (قوله : " إنما بعثت رحمة ") هذا كقوله تعالى : وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين [الأنبياء: 107] أي : بالرسالة العامة ، والإرشاد للهداية ، والاجتهاد في التبليغ ، والمبالغة في النصح ، والحرص على إيمان الجميع ، وبالصبر على جفائهم ، وترك الدعاء عليهم ، إذ لو دعا عليهم لهلكوا . وهذه الرحمة يشترك فيها [ ص: 583 ] المؤمن والكافر ، أما رحمته الخاصة فلمن هداه الله تعالى ، ونور قلبه بالإيمان ، وزين جوارحه بالطاعة ، كما قال تعالى : بالمؤمنين رءوف رحيم [التوبة: 128] فهذا هو المغمور برحمة الله ، المعدود في زمرة الكائنين معه في مستقر كرامته ، جعلنا الله منهم ، ولا حال بيننا وبينهم .