(قوله صلى الله عليه وسلم للغضبان : " إني لأعرف كلمة لو قالها لذهب عنه : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ") يدل على أن الشيطان له تأثير في تهييج الغضب وزيادته ، حتى يحمله على البطش بالمغضوب عليه ، أو إتلافه ، أو إتلاف نفسه ، أو شر يفعله يستحق به العقوبة في الدنيا والآخرة ، فإذا تعوذ الغضبان بالله من الشيطان الرجيم ، وصح قصده لذلك ، فقد التجأ إلى الله تعالى وقصده واستجار به ، والله تعالى أكرم من أن يخذل من استجار به ، ولما جهل ذلك الرجل ذلك المعنى ، وظن أن الذي يحتاج إلى التعوذ إنما هو المجنون ، فقال : أمجنونا تراني ؟ منكرا على من نبهه على ما يصلحه ، ورادا لما ينفعه ، وهذا من أقبح الجنون ، والجنون فنون ، وكأن هذا الرجل كان من جفاة الأعراب الذين قلوبهم من الفقه والفهم خراب .