و (قول المتألي : والله لا يغفر الله لفلان ) ظاهر في أنه قطع بأن الله تعالى لا يغفر لذلك الرجل ، وكأنه حكم على الله ، وحجر عليه . وهذه نتيجة الجهل بأحكام الإلهية ، والإدلال على الله تعالى بما اعتقد أن له عنده من الكرامة والحظ والمكانة ، وكذلك المذنب من الخسة والإهانة ؛ فإن كان هذا المتألي مستحلا لهذه الأمور ، فهو كافر ، فيكون إحباط عمله لأجل الكفر ، كما يحبط عمل الكفار ، وأما إن لم يكن مستحلا لذلك ، وإنما غلب عليه الخوف ، فحكم بإنفاذ الوعيد ، فليس بكافر ، ولكنه مرتكب كبيرة ، فإنه قانط من رحمة الله ، فيكون إحباط عمله بمعنى أن ما أوجبت له هذه الكبيرة من الإثم يربي على أجر أعماله الصالحة ، فكأنه لم يبق له عمل صالح .
و (قوله : " فإني قد غفرت لفلان ، وأحبطت عملك ") دليل على صحة مذهب أهل السنة : أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة بذنب ، وهو موجب قوله تعالى : إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء [النساء: 48] وأن لله تعالى أن يفعل في عبيده ما يريد من المغفرة والإحباط ؛ إذ هو الفعال لما يريد ، القادر على ما يشاء . وقد بينا الإحباط المذكور في هذا الحديث .