[ ص: 552 ] و (قوله : " وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله ") أي : لا يجعل بينه وبين بوله سترة حتى يتحفظ منه ، كما قال في الرواية الأخرى : " لا يستنزه عن البول " أي : لا يتباعد منه . وهذا يدل على أن القليل من البول ومن سائر النجاسات والكثير منه سواء ، وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وعامة الفقهاء ، ولم يخففوا في شيء من ذلك إلا في اليسير من دم غير الحيض خاصة .
واختلف أصحابنا في مقدار اليسير ، فقيل : هو قدر الدرهم البغلي . وقيل : قدر الخنصر ، وجعل nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة قدر الدرهم من كل نجاسة معفو عنه ، قياسا على المخرجين ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري : كانوا يرخصون في القليل من البول ، ورخص الكوفيون في مثل رؤوس الإبر من البول .
وفيه دليل على أن إزالة النجاسة واجبة متعينة ، وكذلك في قوله : " nindex.php?page=hadith&LINKID=13462استنزهوا من البول ، فإن عامة عذاب القبر منه " . وقد تخيل nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في لفظ البول العموم ، فتمسك به في نجاسة جميع الأبوال ، وإن كان بول ما يؤكل لحمه . وقد لا يسلم له أن الاسم المفرد للعموم ، ولو سلم ذلك ، فذلك إذا لم يقترن به قرينة عهد ، وقد اقترنت هاهنا ، ولئن سلم له ذلك فدليل تخصيصه حديث إباحة شرب أبوال الإبل للعرنيين ، وإباحة الصلاة في مرابض الغنم ، وطوافه - عليه الصلاة والسلام - على بعير ، وسيأتي .
و (قوله : " فدعا بعسيب رطب ") العسيب من النخل : كالقضيب مما سواها ، والرطب : الأخضر .
و (قوله : " لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا ") اختلف العلماء في تأويل هذا [ ص: 553 ] الفعل ، فمنهم من قال : أوحي إليه أنه يخفف عنهما ما داما رطبين ، وهذا فيه بعد ; لقوله : " لعله " ، ولو أوحي إليه لما احتاج إلى الترجي . وقيل : لأنهما ما داما رطبين يسبحان ، فإن رطوبتهما حياتهما ، وأخذ من هذا التأويل جواز القراءة والذكر على القبور .