(قوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=651342كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه طالب حاجة أقبل على جلسائه فقال : " اشفعوا تؤجروا ") كذا وقع هذا اللفظ " تؤجروا " بغير فاء ولا لام ، وهو مجزوم على جواب الأمر المضمن معنى الشرط ، ومعناه واضح لا إشكال فيه ، وقد روي " فلتؤجروا " بفاء ولام ، وهكذا وجدته في أصل شيخنا أبي الصبر أيوب ، وينبغي أن تكون هذه اللام مكسورة ، لأنها لام كي ، وتكون الفاء زائدة ، كما زيدت في قوله صلى الله عليه وسلم : " قوموا فلأصلي لكم " في بعض رواياته ، وقد تقدم قول من قال : إن الفاء قد تأتي زائدة ، ويكون معنى الحديث : اشفعوا لكي تؤجروا ، ويحتمل أن يقال : إنها لام الأمر ، ويكون المأمور به التعرض للأجر بالاستشفاع ؛ فكأنه قال : استشفعوا وتعرضوا بذلك للأجر ، وعلى هذا فيجوز كسر هذه اللام على أصل لام الأمر ، ويجوز تخفيفها بالسكون لأجل حركة الحرف الذي قبلها .
و (قوله : " وليقض الله على لسان نبيه ما أحب ") هكذا صحت الرواية هنا [ ص: 633 ] وليقض ، باللام ، وجزم الفعل بها ، ولا يصح أن تكون لام كي ، كذلك ، ولا يصح أيضا أن تكون لام الأمر ، لأن الله تعالى لا يؤمر . وكأن هذه الصيغة وقعت موقع الخبر كما قد جاء في بعض نسخ nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : ويقضي الله : على الخبر بالفعل المضارع ، ومعناه واضح ، وهذه الشفاعة المذكورة في الحديث هي في الحوائج والرغبات للسلطان وذوي الأمر والجاه ، كما شهد به صدر الحديث ومساقه ، ولا يخفى ما فيها من الأجر والثواب ، لأنها من باب صنائع المعروف وكشف الكرب ومعونة الضعيف ؛ إذ ليس كل أحد يقدر على الوصول إلى السلطان وذوي الأمر ، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول - مع تواضعه وقربه من الصغير والكبير ، إذ كان لا يحتجب ولا يحجب - : " أبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغها " وهذا هو معنى قوله تعالى : من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها [النساء: 85] . قال القاضي : ويدخل في عموم الحديث الشفاعة للمذنبين ، فيما لا حد فيه عند السلطان وغيره ، وله قبول الشفاعة فيه والعفو عنه إذا رأى ذلك كله ، كما له العفو عن ذلك ابتداء . وهذا فيمن كانت منه الزلة والفلتة ، وفي أهل الستر والعفاف . وأما المصرون على فسادهم ، المستهترون في باطلهم ، فلا تجوز الشفاعة لأمثالهم ، ولا ترك السلطان عقوبتهم ؛ ليزدجروا عن ذلك وليرتدع غيرهم بما يفعل بهم . وقد جاء الوعيد بالشفاعة في الحدود .