[ 2592 ] عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: nindex.php?page=hadith&LINKID=661875 " من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه.
و (قوله : " إن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم ") قيل : معناه تخضع له وتعظمه ، وقيل : تبسطها له بالدعاء ، لأن جناح الطائر يده .
و (قوله : وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض) ، يعني بـ " من " هنا : من يعقل ، وما لا يعقل ، غير أنه غلب عليه من يعقل ، بدليل أن هذا الكلام قد جاء في غير كتاب nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود ، فقال : " حتى النملة في جحرها ، وحتى الحوت في جوف الماء " ، وعلى هذا المعنى يدل - من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود هذا - عطف الحيتان بالواو على (من في السماوات ، ومن في الأرض) فإنه يفيد أن من يعقل وما لا يعقل ، يستغفر للعالم ؛ فأما استغفار من يعقل فواضح ؛ فإنه دعاء له [ ص: 686 ] بالمغفرة ، وأما استغفار ما لا يعقل ، فهو - والله أعلم - أن الله يغفر له ، ويأجره بعدد كل شيء لحقه أثر من علم العالم . وبيان ذلك : أن العالم يبين حكم الله تعالى في السماوات وفي الأرض ، وفي كل ما فيهما ، وما بينهما ، فيغفر له ذنبه ، ويعظم له أجره بحسب ذلك ، ويحتمل أن يكون ذلك على جهة الإغياء ، والأول أولى ، والله تعالى أعلم .
و (قوله : " وإن فضل العالم على العابد ، كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ") هذه المفاضلة لا تصح حتى يكون كل واحد منهما قائما بما وجب عليه من العلم والعمل ؛ فإن العابد لو ترك شيئا من الواجبات ، أو عملها على جهل لم يستحق اسم العابد ، ولا تصح له عبادة ، والعالم لو ترك شيئا من الواجبات لكان مذموما ، ولم يستحق اسم العالم ، فإذا محل التفضيل : إنما هو في النوافل ، فالعابد يستعمل أزمانه في النوافل من الصلاة والصوم والذكر ، وغير ذلك ، والعالم يستعمل أزمانه في طلب العلم وحفظه وتقييده وتعليمه ، فهذا هو الذي شبهه بالبدر ، لأنه قد كمل في نفسه ، واستضاء به كل شيء في العالم من حيث إن علمه تعدى لغيره ، وليس كذلك العابد ؛ فإن غايته أن ينتفع في نفسه ، ولذلك شبهه بالكوكب الذي غايته أن يظهر نفسه .
و (قوله : " وإن العلماء ورثة الأنبياء ") إنما خص العلماء بالوراثة ، وإن كان العباد - أيضا - قد ورثوا عنه العلم بما صاروا به عبادا ، لأن العلماء هم الذين نابوا عن النبي صلى الله عليه وسلم في حملهم العلم عنه ، وتبليغهم إياه لأمته ، وإرشادهم لهم وهدايتهم . وبالجملة فالعلماء : هم العالمون بمصالح الأمة بعده ، الذابون عن سنته ، الحافظون لشريعته ، فهؤلاء الأحق بالوراثة ، والأولى بالنيابة والخلافة ، وأما العباد فلم يطلق عليهم اسم الوراثة لقصور نفعهم ويسير حظهم .
و (قوله : " إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ") يعني : أنهم صلوات الله [ ص: 687 ] عليهم كان الغالب عليهم الزهد ، فلا يتركون ما يورث عنهم ، ومن ترك منهم شيئا ، يصح أن يورث عنه ، تصدق قبل موته ، كما فعل نبينا صلى الله عليه وسلم حين قال : " لا نورث ، ما تركنا صدقة " .
و (قوله : " فمن أخذه أخذ بحظ وافر ") أي : بحظ عظيم ، لا شيء أعظم منه ولا أفضل ، كما ذكرناه .
و (قوله : " ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم ، إلا نزلت عليهم السكينة ") بيوت الله هي المساجد ، كما قال تعالى : في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه [النور: 36] ففيه ما يدل على جواز تعليم القرآن في المساجد ، أما للكبار الذين يتحفظون بالمسجد فلا إشكال فيه ، ولا يختلف فيه ، وأما الصغار الذين لا يتحفظون بالمساجد ، فلا يجوز ، لأنه تعريض المسجد للقذر والعبث ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=883987جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم " ، وقد تمسك بهذا الحديث من يجيز قراءة الجماعة القرآن على لسان واحد ، كما يفعل عندنا بالمغرب ، وقد كره بعض علمائنا ذلك ، ورأوا أنها بدعة إذ لم تكن كذلك قراءة السلف ، وإنما الحديث محمول على أن كل واحد يدرس لنفسه ، أو مع من يصلح عليه ، وليستعين به .
و (قوله : " إلا نزلت عليهم السكينة ") قد تقدم الكلام على السكينة في كتاب الصلاة ، وأنها إما السكون والوقار والخشوع ، وإما الملائكة الذين يستمعون [ ص: 688 ] القرآن ، سموا بذلك لما هم عليه من السكون والخشوع .
و (قوله : " وغشيتهم الرحمة ") أي : تكفير خطيئاتهم ورفع درجاتهم وإيصالهم إلى جنته وكرامته .
و (قوله : " وذكرهم الله فيمن عنده ") يعني : في الملأ الكريم من الملائكة المقربين ، كما قال : " إن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم " ، وهذا الذكر يحتمل أن يكون ذكر ثناء وتشريف ، ويحتمل أن يكون ذكر مباهاة ، كما باهى الملائكة بأهل عرفة .
و (قوله : " من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه ") يعني : أن الآخرة لا ينفع فيها إلا تقوى الله تعالى والعمل الصالح ، لا الفخر الراجح ، ولا النسب الواضح .