و (قوله : هجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ) أي : خرجت إليه في الهاجرة ، وهي : شدة الحر .
و (قوله : فسمع أصوات رجلين اختلفا في آية ، فخرج يعرف في وجهه الغضب ، فقال : " إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب ") هذا الاختلاف لم يكن اختلافا في القراءة ، لأنه صلى الله عليه وسلم قد سوغ أن يقرأ القرآن على سبعة أحرف كما تقدم ، ولم يكن أيضا في كونها قرآنا ، لأن ذلك معلوم لهم ضرورة ، ومثل هذا لا يختلف فيه المسلمون ، ولا يقرون عليه ؛ فإنه كفر ، فلم يبق إلا أنه كان اختلافا في المعنى . ثم تلك الآية يحتمل أن كانت من المحكمات الظاهرة المعنى ، فخالف فيها أحدهما الآخر ، إما لقصور فهم ، وإما لاحتمال بعيد ، فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ؛ إذ قد ترك الظاهر الواضح ، وعدل إلى ما ليس كذلك ، ويحتمل أن كانت من المتشابه ، فتعرضوا لتأويلها ، فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ، فيكون فيه حجة لمذهب السلف في التسليم للمتشابهات ، وترك تأويلها .