[ 2615 ] عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، nindex.php?page=hadith&LINKID=661862عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن لله تبارك وتعالى ملائكة سيارة فضلا يتبعون مجالس الذكر ، فإذا وجدوا مجلسا فيه ذكر قعدوا معهم ، وحف بعضهم بعضا بأجنحتهم حتى يملؤوا ما بينهم وبين السماء الدنيا ، فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء ، قال : فيسألهم الله عز وجل وهو أعلم : من أين جئتم ؟ فيقولون : جئنا من عند عباد لك في الأرض يسبحونك ويكبرونك ويهللونك ويحمدونك ويسألونك ، قال : وماذا يسألوني ؟ قالوا : يسألونك جنتك ، قال : وهل رأوا جنتي ؟ قالوا : لا أي رب ، قال : فكيف لو رأوا جنتي ؟ قالوا : ويستجيرونك ، قال : ومم يستجيرونني ؟ قالوا : من نارك يا رب ، قال : وهل رأوا ناري ؟ قالوا : لا ، قال : فكيف لو رأوا ناري ؟ قالوا : ويستغفرونك ، قال : فيقول : قد غفرت لهم وأعطيتهم ما سألوا وأجرتهم مما استجاروا ، قال : يقولون : رب فيهم فلان ، عبد خطاء ، إنما مر فجلس معهم ، قال : فيقول : وله غفرت ، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم .
رواه أحمد (2 \ 358) ، ومسلم (2689) .
[ ص: 11 ] (2) ومن باب : فضل مجالس الذكر
(قوله : " إن لله ملائكة سيارة فضلا ") بفتح الفاء وإسكان الضاد . رواية الشيوخ في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري . أي : زيادة على كتاب الناس ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=12002الهروي : فضل - برفع اللام - على أنه خبر مبتدأ . ووقع عند بعضهم : فضلا - بضم الفاء والضاد - وكأنه تأوله على أنه جمع فاضل ، ولا تساعده العربية ، ولا المعنى . وعند بعضهم : فضلاء - بضم الفاء وفتح الضاد والمد والهمز - كظرفاء . والملائكة وإن كانوا كلهم كذلك ، فليس هذا موضع ذكر ذلك ، والصواب التقييد الأول .
و (قوله : " فإذا وجدوا مجلس ذكر قعدوا معهم ، وحف بعضهم بعضا بأجنحتهم ") هذه رواية nindex.php?page=showalam&ids=12176السجزي والسمرقندي ، أي : يحدقون حولهم ، ومصداقها في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : " يحفونهم بأجنحتهم " ، وفي كتاب ابن عيسى : وحط - بحاء وطاء مهملتين - ومعناه : أشار بعضهم لبعض بالنزول ، ووقع عند العذري : حظ : - بالظاء القائمة المعجمة - وعند بعضهم : بالساقطة ، وليسا بشيء ، وهما تصحيف .
و (قوله : " سيارة ") يعني : سائرين ، كما قال في رواية أخرى : "سياحين " .
و (قوله : " فإذا وجدوا مجلس ذكر قعدوا معهم ") يعني : مجالس العلم والتذكير . وهي المجالس التي يذكر فيها كلام الله ، وسنة رسوله ، وأخبار السلف الصالحين ، وكلام الأئمة الزهاد المتقدمين ، المبرأة عن التصنع والبدع ، والمنزهة عن المقاصد الردية والطمع ، وهذه المجالس قد انعدمت في هذا الزمان ، وعوض [ ص: 12 ] منها الكذب والبدع ، ومزامير الشيطان . نعوذ بالله من حضورها ، ونسأله العافية من شرورها .
و (قوله : " فيسألهم - وهن أعلم - : من أين جئتم ؟ ") هذا السؤال من الله تعالى للملائكة ، هو على جهة التنبيه للملائكة على قولها : أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء [ البقرة : 30 ] وإظهار لتحقيق قوله : إني أعلم ما لا تعلمون [ البقرة : 30 ] وهو من نحو مباهاة الله تعالى الملائكة بأهل عرفة حين قال لهم : " ما أراد هؤلاء ؟ انظروا إلى عبادي جاؤوني شعثا غبرا ، أشهدكم أني قد غفرت لهم " . وكذلك نص عليه في الحديث .
و (قوله : " ويمجدونك ") أي : يعظمونك بذكر صفات كمالك وجلالك . وقد تقدم : أن أصل المجد الكثرة ، ومنه قولهم : في كل شجرة نار ، واستمجد المرخ والعفار .
و (قوله : " كيف لو رأوا جنتي ؟ ") هذا يدل على أن للمعاينة زيادة مزية على العلم في التحقيق والوضوح ; فإن هؤلاء القوم المتذكرين للجنة والنار كانوا عالمين بذلك ، ومع ذلك فإن الله تعالى قال : " فكيف لو رأوها " يعني : لو رأوها لحصل من اليقين والتحقيق زيادة على ما عندهم ، ولتحصيل هذه الزيادة سأل موسى الرؤية ، والخليل مشاهدة إحياء الموتى ، وقد تقدم هذا المعنى .
[ ص: 13 ] و ( قول الملائكة : "فيهم فلان عبد خطاء ، إنما مر فجلس معهم ") إنما استبعدت الملائكة أن يدخل هذا مع أهل المجلس في المغفرة ; لأنه لم تكن عادته حضور مجالس الذكر ، وإنما كانت عادته ملازمة الخطايا ، فعرض له هذا المجلس ، فجلسه ، فدخل مع أهله فيما قسم لهم من المغفرة والرحمة . فيستفاد منه الترغيب العظيم في حضور مجالس الذكر ، ومجالسة العلماء والصالحين وملازمتهم .
و (قوله : " هم القوم لا يشقى بهم جليسهم ") هذه مبالغة في إكرامهم ، وزيادة في إعلاء مكانتهم ، ألا ترى أنه أكرم جليسهم بنحو ما أكرموا به لأجلهم ، وإن لم يشفعوا فيه ، ولا طلبوا له شيئا ، وهذه حالة شريفة ، ومنزلة منيفة ، لا خيبنا الله منهم ، وجعلنا من أهلها .