و (قوله : " وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ") يعني : أن الله تعالى يحفظه من الشيطان في ذلك اليوم فلا يقدر منه على زلة ولا وسوسة ببركة تلك الكلمات .
قلت : وهذه الأجور العظيمة ، والعوائد الجمة إنما تحصل كاملة لمن قام بحق هذه الكلمات ، فأحضر معانيها بقلبه ، وتأملها بفهمه ، واتضحت له معانيها ، وخاض في بحار معرفتها ، ورتع في رياض زهرتها ، ووصل فيها إلى عين اليقين ; فإن لم يكن ، فإلى علم اليقين ، وهذا هو الإحسان في الذكر ; فإنه من أعظم العبادات . وقد قال صلى الله عليه وسلم فيما قدمناه في الإحسان : " nindex.php?page=hadith&LINKID=650048أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك " .
ثم لما كان الذاكرون في إدراكاتهم وفهومهم مختلفين ، كانت أجورهم على ذلك بحسب ما أدركوا ، وعلى هذا ينزل اختلاف مقادير الأجور ، والثواب المذكور في أحاديث الأذكار ، فإنك تجد في بعضها ثوابا عظيما مضاعفا ، وتجد تلك الأذكار بأعيانها في رواية أخرى أكثر أو أقل ، كما اتفق هنا في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة [ ص: 21 ] المتقدم ، فإن فيه : ما ذكرناه من الثواب ، وتجد تلك الأذكار بأعيانها وقد علق عليها من ثواب عتق الرقاب أكثر مما علقه على حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وذلك أنه قال في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : " من قال ذلك في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب " ، وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب : "من قالها عشر مرات كانت له عدل أربع رقاب " . وعلى هذا فمن قال ذلك مائة مرة كانت له عدل أربعين رقبة ، وكذلك تجده في غير هذه الأذكار ، فيرجع الاختلاف الذي في الأجور لاختلاف أحوال الذاكرين ، وبهذا يرتفع الاضطراب بين أحاديث هذا الباب ، والله الموفق للصواب .