وفي رواية : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : ألا أخبرك بأحب الكلام إلى الله ؟ قلت : أخبرني يا رسول الله ، قال : إن أحب الكلام إلى الله : سبحان الله وبحمده .
رواه أحمد (5 \ 161) ، ومسلم (2731) (84 و 85) .
[ (18) ومن باب : أحب الكلام إلى الله تعالى ]
(قوله صلى الله عليه وسلم وقد سئل : أي الكلام أفضل ؟ فقال : " ما اصطفى الله لملائكته ، أو لعباده : سبحان الله وبحمده " . وفي الرواية الأخرى : " إن أحب الكلام إلى الله : سبحان الله وبحمده ") .
[ ص: 59 ] قلت : هذا الحديث يعارضه قوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة المتقدم في فضل التهليل : nindex.php?page=hadith&LINKID=688511ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به ، إلا أحد عمل أكثر من ذلك . وقوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=707657 " أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله " . وقد تقدم في حديث nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة بن جندب قوله صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=660993أحب الكلام إلى الله أربع : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، لا يضرك بأيهن بدأت " فقد مضى هذا الحديث بأن الأربعة متساوية في الأفضلية والأحبية من غير مراعاة تقديم بعضها على بعض ، ولا تأخيره ، وأن التسبيح وحده لا ينفرد بالأفضلية ، ولا التهليل وحده أيضا ينفرد بها . وإذا ثبت ذلك فحيث أطلق أن أحد هذه الأذكار الأربعة أفضل الكلام أو أحبه ، إنما يراد إذا انضمت إلى أخواتها الثلاث المذكورة في هذا الحديث . إما مجموعة في اللفظ ، أو في القلب بالذكر ; لأن اللفظ إذا دل على واحد منهما بالمطابقة دل على سائرها باللزوم . وبيان ذلك : أن معنى سبحان الله : البراءة له من كل النقائص ، والتنزيه عما لا يليق بجلاله ، ومن جملتها تنزيهه عن الشركاء والأنداد ، وهذا معنى لا إله إلا الله . هذا مدلول اللفظ من جهة مطابقته ، ولما وجب تنزيهه عن صفات النقص لزم اتصافه بصفات الكمال ; إذ لا واسطة بينهما ، وهي المعبر عنها بالحمد لله . ثم لما تنزه عن صفات النقص واتصف بصفات الكمال ، وجبت له العظمة والجلال ، [ ص: 60 ] وهو معنى : الله أكبر . فقد ظهر لك أن هذه الأربعة الأذكار متلازمة في المعنى ، وأنها قد شملها لفظ الأحبية ، كما جاء في الحديث . فمن نطق بجميعها فقد ذكر الله تعالى بأحب الكلام إلى الله ، لفظا ومعنى ، ومن نطق بأحدها فقد ذكر الله ببعض أحب الكلام نطقا ، وبجميعها معنى من جهة اللزوم الذي ذكرناه . فتدبر هذه الطريقة ، فإنها حسنة ، وبها يرتفع التعارض المتوهم بين تلك الأحاديث - والله تعالى أعلم - ولم أجد في كلام المشايخ ما يقنع ، وقد استخرت الله فيما ذكرته .