[ (20) ومن باب : يستجاب للعبد ما لم يعجل أو يدعو بإثم ]
(قوله : " يستجاب للمسلم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ") يعني بالعبد : الصالح لقبول دعائه ، فإن إجابة الدعاء لا بد لها من شروط في الداعي ، وفي الدعاء ، وفي الشيء المدعو به ، فمن شرط الداعي بأن يكون عالما بأنه لا قادر على حاجته إلا الله تعالى ، وأن الوسائط في قبضته ، ومسخرة بتسخيره ، وأن يدعو بنية صادقة وحضور قلب ، وأن يكون مجتنبا لأكل الحرام ، كما قدمناه ، وألا [ ص: 63 ] يحل من الدعاء فيتركه ويقول : قد دعوت فلم يستجب لي ، كما قال في الحديث . ومن شروط المدعو فيه أن يكون من الأمور الجائزة الطلب والفعل شرعا ، كما قال : ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ، فيدخل في الإثم كل ما يأثم به من الذنوب ، ويدخل في قطيعة الرحم جميع حقوق المسلمين ، ومظالمهم . وقد بينا أن الرحم ضربان : رحم الإسلام ، ورحم القرابة . ويستحسر ، يعني : ويمل . يقال : حسر البعير يحسر ، ويحسر حسورا : أعيا . واستحسر وتحسر مثله . وفائدة هذا : استدامة الدعاء ، وترك اليأس من الإجابة ، ودوام رجائهما ، واستدامة الإلحاح في الدعاء ; فإن الله يحب الملحين عليه في الدعاء ، وكيف لا ؟ والدعاء مخ العبادة وخلاصة العبودية . والقائل : قد دعوت فلم أر يستجاب لي ، ويترك - قانطا - من رحمة الله ، وفي صورة الممتن بدعائه على ربه ، ثم إنه جاهل بالإجابة ، فإنه يظنها إسعافه في عين ما طلب ، فقد يعلم الله تعالى : أن في عين ما طلب مفسدة ، فيصرفه عنها ، فتكون إجابته في الصرف ، وقد يعلم الله أن تأخيره إلى وقت آخر أصلح للداعي ، وقد يؤخره لأنه سبحانه يحب استماع دعائه ، ودوام تضرعه ، فتكثر أجوره حتى يكون ذلك أعظم وأفضل من عين المدعو به لو قضي له ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=665901ما من داع يدعو إلا كان بين إحدى ثلاث : إما أن يستجاب له ، وإما أن يدخر له ، وإما أن يكفر عنه " ، ثم بعد هذا كله فإجابة الدعاء - وإن وردت في مواضع من الشرع مطلقة - فهي مقيدة بمشيئته ، كما قال تعالى : فيكشف ما تدعون إليه إن شاء [ الأنعام : 41 ]