[ (4) ومن باب : من عاد إلى الذنب فليعد إلى الاستغفار ]
(قوله : " أذنب عبد ذنبا فقال : اللهم اغفر لي ذنبي ، فقال تبارك وتعالى : أذنب عبدي ذنبا ، علم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ") يدل على عظيم فائدة الاستغفار ، وعلى عظيم فضل الله وسعة رحمته ، وحلمه وكرمه ، ولا شك في أن هذا الاستغفار ليس هو الذي ينطق به اللسان ، بل الذي يثبت معناه في الجنان ، فيحل به عقد الإصرار ، ويندم معه على ما سلف من الأوزار . فإذا الاستغفار ترجمة التوبة ، وعبارة عنها ، ولذلك قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=3504327خياركم كل مفتن تواب " . قيل : هو الذي يتكرر منه الذنب والتوبة ، فكلما وقع في الذنب عاد إلى التوبة ، وأما من قال [ ص: 86 ] بلسانه : أستغفر الله ، وقلبه مصر على معصيته ، فاستغفاره ذلك يحتاج إلى استغفار ، وصغيرته لاحقة بالكبار إذ لا صغيرة مع إصرار ، ولا كبيرة مع استغفار . وفائدة هذا الحديث أن العود إلى الذنب ، وإن كان أقبح من ابتدائه ; لأنه انضاف إلى الذنب نقض التوبة ، فالعود إلى التوبة أحسن من ابتدائها ; لأنها انضاف إليها ملازمة الإلحاح بباب الكريم ، وأنه لا غافر للذنوب سواه .
و (قوله : " اعمل ما شئت فقد غفرت لك ") قد تقدم القول فيه ، ونزيد هنا نكتة ، وهي : أن هذا الأمر يحتمل أن يكون معناه الإكرام ، فيكون من باب قوله تعالى : ادخلوها بسلام آمنين [ الحجر :46 ] وآخر الكلام خبر عن حال المخاطب ; لأنه مغفور له ما سلف من ذنبه ، ومحفوظ - إن شاء الله - فيما يستقبل من شأنه .