وهذا يقتضي المنع من سب الدنيا ولعنها ، ووجه الجمع بينهما : أن المباح لعنه من الدنيا ما كان منها مبعدا عن الله ، وشاغلا عنه ، كما قال بعض السلف : كل ما شغلك عن الله تعالى من مال وولد فهو عليك مشؤوم ، وهو الذي نبه الله على ذمه بقوله تعالى : أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد [ الحديد : 20 ] وأما ما كان من الدنيا يقرب إلى الله تعالى ، ويعين على عبادة الله تعالى ، فهو المحمود بكل لسان ، والمحبوب لكل إنسان ، فمثل هذا لا يسب ، بل يرغب فيه ، ويحب ، وإليه الإشارة بالاستثناء حيث قال : " إلا ذكر الله ، وما والاه ، أو عالم أو متعلم " وهو المصرح به في قوله : " فإنها نعمت مطية المؤمن ، عليها يبلغ الخير ، وبها ينجو من الشر " وبهذا يرتفع التعارض بين الحديثين . والله أعلم .