وفي رواية : " هذا مقعدك الذي تبعث إليه يوم القيامة
رواه أحمد (2 \ 113) ، والبخاري (1379) ، ومسلم (2866) (65 و 66) ، والترمذي (1072) ، والنسائي (4 \ 107) ، وابن ماجه (4270) .
(2 و 3 و 4 و 5) ومن باب : من عرض مقعده عليه بعد الموت
(قوله : " إذا مات أحدكم عرض عليه مقعده بالغداة والعشي ") هذا منه صلى الله عليه وسلم إخبار عن غير الشهداء ; فإنه قد تقدم أن أرواحهم في حواصل طير تسرح في الجنة ، وتأكل من ثمارها ، وغير الشهداء : إما مؤمن ، وإما غير مؤمن . فغير المؤمن هو الكافر . فهذا يرى مقعده من النار غدوا وعشيا ، وهذا هو المعني بقوله تعالى : النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب [ غافر : 46 ] وأما المؤمن : فإما ألا يدخل النار ، أو يدخلها بذنوبه ، فالأول يرى [ ص: 145 ] مقعده من الجنة ، لا يرى غيره رؤية خوف ، وأما المؤمن المؤاخذ بذنوبه فله مقعدان : مقعد في النار زمن تعذيبه ، ومقعد في الجنة بعد إخراجه ، فهذا يقتضي أن يعرضا عليه بالغداة والعشي ، إلا إن قلنا : إنه أراد بأهل الجنة كل من يدخلها كيف كان ، فلا يحتاج إلى ذلك التفسير ، والله أعلم . وهذا الحديث وما في معناه يدل على أن الموت ليس بعدم ، وإنما هو انتقال من حال إلى حال ومفارقة الروح للبدن ، ويجوز أن يكون هذا العرض على الروح وحده ، ويجوز أن يكون عليه مع جزء من البدن ، والله أعلم بحقيقة ذلك . والغداة والعشي : إنما هما بالنسبة إلى الحي لا بالنسبة إلى الميت ; إذا لا يتصور في حقه شيء من ذلك .