و (قوله : " وأسودك ") أي : جعلتك سيدا على قومك . والسؤدد : التقدم بالأوصاف الجميلة ، والأفعال الحميدة .
و (قوله : " وأذرك ترأس وتربع ؟ ") أي : ألم أتركك تترأس على قومك ؟ أي : تكون رئيسا عليهم . وتربع - بالموحدة - أي : تأخذ المرباع ، أي : الربع فيما يحصل لقومك من الغنائم والكسب . وكانت عادتهم : أن أمراءهم يأخذون من الغنائم الربع ، ويسمونه المرباع . قال قطرب : المرباع : الربع . والمعشار : العشر ، ولم يسمع في غيرهما . ورواية الجمهور : تربع بالباء ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=13486ابن ماهان : ترتع ، بتاء باثنتين من فوقها ، ومعناه : تتنعم .
و (قوله : " أفظننت أنك ملاقي ؟ ") أي : أعلمت ؟ كقوله تعالى : فظنوا أنهم مواقعوها [ الكهف : 53 ] أي : علموا .
و (قوله : " فإني أنساك كما نسيتني ") أي : أتركك في العذاب كما تركت معرفتي وعبادتي .
[ ص: 198 ] و (قوله للثالث : " هاهنا إذا ؟ ") يعني : أهاهنا تكذب وتقول غير الحق ، وذلك أن هذا المنافق أنجاه كذبه ونفاقه في الدنيا من سفك دمه ، واستباحة ماله ، فاستصحب الكذب إلى الآخرة ، حتى كذب بين يدي الله تعالى .
و (قوله : " فيختم على فيه ") أي : يمنع من الكلام المكتسب له ، وينطق لسانه وسائر أركانه بكلام ضروري لا كسب له فيه ، ولا قدرة على منعه ، كما قال تعالى : يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون [ النور : 24 ] فإذا شهدت عليه أركانه بعمله خلي بينه وبين الكلام المقدور له ، فيلوم جوارحه الشاهدة عليه بقوله : " ويلكن فعنكن كنت أناضل " أي : أدافع وأحتج ، والرواية المشهورة : " إذا " التي للتعليل . وقد رواها ابن الحذاء : " إذن " والأول أصح وأشهر ، وقد سقطت هذه اللفظة جملة عند الصدفي . واقتصر على : هاهنا . وقيل : معناها : هنا اثبت مكانك ، كما تقول لمن تهدده : اثبت مكانك حتى أريك " وما ذكرناه أولى وأشبه ، والله تعالى أعلم .
و (قوله : " ليعذر من نفسه ") بضم الياء وكسر الذال المعجمة ، من : أعذر ، أي : بالغ في حجة نفسه . يعني أن المنافق قال ما قال من ادعاء فعل الخيرات المتقدمة .
[ ص: 199 ] و (قوله في الرواية الأخرى : " ألم تجرني من الظلم ؟ " . . . إلى آخر الكلام . .) ليبالغ في عذر نفسه الذي يظن أنه ينجيه ، يقال : أعذر الرجل في الأمر ، أي : بالغ فيه ، وقد تقدم القول في أن أقل ساكني الجنة النساء الآدميات ، وأنهن أكثر ساكني النار .