[ ص: 576 ] (25) ومن باب صفة غسله - صلى الله عليه وسلم - من الجنابة
(قوله : " ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر ") قيل : إنما فعل ذلك ليسهل دخول الماء إلى أصول الشعر ، وقيل : ليتأنس بذلك حتى لا يجد بعده من صب الماء الكثير نفرة .
و (قوله : " حتى إذا رأى أن قد استبرأ حفن على رأسه ثلاث حفنات ") استبرأ أي : استقصى وبالغ ، من قولهم : استبرأ الخبر . و " حفن " : أخذ وصب . الحفنات : جمع حفنة ، وهي ملء الكفين من الطعام أو نحوه ، وأصلها من الشيء اليابس كالدقيق والرمل ونحوه . يقال : حفنت له حفنة ; أي : أعطيته قليلا ، قاله في " الصحاح " .
ولا يفهم من هذه الثلاث حفنات أنه غسل رأسه ثلاث مرات ; لأن التكرار في الغسل غير مشروع ; لما في ذلك من المشقة ، وإنما كان ذلك العدد ; لأنه بدأ بجانب رأسه الأيمن ، ثم الأيسر ، ثم على وسط رأسه ، كما جاء في حديث [ ص: 577 ] nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة الآتي بعد هذا ، وكما وقع في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا من حديثها .
و (قوله : " ثم أفاض الماء على سائر جسده ") استدل به من لم يشترط التدليك ، وهو nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، ولا حجة له فيه ; لأن " أفاض " إنما معناه : غسل ، كما جاء في حديث nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة الآتي بعد هذا .
والغسل : هو صب الماء على المغسول ودلكه ، على ما نقله أصحابنا ، والذي وقفت عليه من نقل بعض اللغويين : أن الغسل إجادة التطهير ، وهو يفيد : أن مجرد الإفاضة والغمس لا يكتفى به في مسمى الغسل ، بل لا بد مع ذلك من مبالغة ، إما بالدلك ، أو بما يتنزل منزلته ، وقد تواردت الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه كان يغسل أعضاء وضوئه ، ويدلكها بيديه ، ولا فرق بين الغسل والوضوء في هذا . وقد روي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمها كيفية الغسل ، وأمرها أن تدلك " ، وهذا ذكره ابن حزم ، وضعفه ، وسيأتي في حديث أسماء بنت شكل ما يدل على التدليك .