و (قوله : " غير أن لكم رحما سأبلها ببلالها ") أي : سأبلها الصلة التي تليق بها ، فصلة المؤمن : إكرامه ، ومبرته . وصلة الكافر : إرشاده ونصيحته ، وقد تقدم القول في تفصيل صلة الأرحام .
و (قوله : وأنذر عشيرتك الأقربين [ الشعراء : 214 ] " ورهطك منهم المخلصين ") ظاهر هذا : أن هذا كان قرآنا يتلى ، وأنه نسخ ; إذ لم يثبت نقله في [ ص: 385 ] المصحف ، ولا تواتر ، ويلزم على ثبوته إشكال ، وهو أنه كان يلزم عليه ألا ينذر إلا من آمن من عشيرته ; فإن المؤمنين هم الذين يوصفون بالإخلاص في دين الإسلام ، وفي حب النبي صلى الله عليه وسلم ، لا المشركون ; لأنهم ليسوا على شيء من ذلك ، والنبي صلى الله عليه وسلم ، دعا عشيرته كلهم - مؤمنهم وكافرهم - وأنذر جميعهم ، فلم يثبت ذلك نقلا ولا معنى ، فالحمد لله الذي رفع عنا الإشكال والعناء . وسفح الجبل : جانبه ، وهو بالسين .
و (قوله : تبت يدا أبي لهب [ المسد : 1 - 5 ] ) أي : قد خسرت ، والتباب : [ ص: 386 ] الخسران ، ونسب التباب لليد ، والمراد صاحب اليد ; لأن اليد أصل في الأعمال . ولهب : فيها لغتان : السكون في الهاء وفتحها ، واسم أبي لهب : عبد العزى ، ولقب بأبي لهب لإشراق وجنتيه ، كأنهما كانتا تلتهبان نارا .
قلت : وأولى من ذلك كله أن الله تعالى أجرى عليه هذا اللقب لعلمه بمآل أمره ، وأنه من أهل النار ، كما أجرى على أبي جهل لقب الجهل ، وسلبه أبا الحكم ، وحكي في قول مصيب : لكل امرئ من اسمه نصيب ، ألا يقتضي العجب من قوله : سيصلى نارا ذات لهب [ المسد : 3 ]