(قوله : " لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ، ولا المرأة إلى عورة المرأة ") لا خلاف في تحريم النظر إلى العورة من الناس بعضهم إلى بعض ، ووجوب سترها عنهم إلا الرجل مع زوجته أو أمته ، واختلف في كشفها في الانفراد ، وحيث لا يراه أحد ، ولا خلاف أن السوأتين من الرجل والمرأة عورة ، واختلف فيما عدا ذلك من الركبة إلى السرة من الرجل هل هو عورة أم لا ؟ ولا خلاف أن إبداءه لغير ضرورة قصدا ليس من مكارم الأخلاق . ولا خلاف أن ذلك من المرأة عورة على النساء والرجال ، وأن الحرة عورة ما عدا وجهها وكفيها على غير ذوي المحارم من [ ص: 597 ] الرجال ، وسائر جسدها على المحارم ، ما عدا شعرها ورأسها وذراعيها وما فوق نحرها .
واختلف في حكمها مع النساء ، فقيل : جسدها كله عورة ، فلا يرى النساء منها إلا ما يراه ذو المحرم . وقيل : حكم النساء مع النساء حكم الرجال مع الرجال إلا مع نساء أهل الذمة ، فقيل : حكمهن في النظر إلى أجساد المسلمات حكم الرجال ; لقوله تعالى : أو نسائهن [ النور : 31 ] ، على خلاف بين المفسرين في معناه .
وأما الأمة : فالعورة منها ما تحت ثدييها ، ولها أن تبدي رأسها ومعصمها . وقيل : حكمها حكم الرجال . وقيل : يكره لها كشف معصمها ورأسها وصدرها ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=2عمر يضرب الإماء على تغطية رؤوسهن ، ويقول : لا تتشبهن بالحرائر .
وحكم الحرائر في الصلاة : ستر جميع أجسادهن إلا الوجه والكفين . وهذا قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور وكافة السلف وأهل العلم . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل : لا يرى منها شيء ولا ظفرها . ونحوه قول nindex.php?page=showalam&ids=11947أبي بكر بن عبد الرحمن . وأجمعوا : أنها إن صلت مكشوفة الرأس كله أن عليها إعادة الصلاة . واختلفوا في بعضه ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور : تعيد ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : إن انكشف أقل من ثلثه لم تعد ، وكذلك أقل من ربع بطنها ، أو فخذها . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف : لا تعيد في أقل من النصف . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : تعيد في القليل والكثير من ذلك في [ ص: 598 ] الوقت . واختلف عندنا في الأمة تصلي مكشوفة البطن هل يجزئها أو لا بد من سترها جسدها ؟ وقال nindex.php?page=showalam&ids=11947أبو بكر بن عبد الرحمن : كل شيء من الأمة عورة حتى ظفرها .
قال الشيخ - رحمه الله - : العورة في أصل الوضع : هي ما يستحى من الاطلاع عليه ، ويلزم منه عار .
و (قوله : " لا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد ، ولا المرأة إلى المرأة ") أي : لا يخلوان كذلك ليباشر أحدهما عورة الآخر ويلمسها ، ولمسها محرم ، كالنظر إليها ، وأما إذا كانا مستوري العورة بحائل بينهما فذلك من النساء محرم على القول بأن جسد المرأة على المرأة كله عورة ، وحكمها على القول الآخر ، وحكم الرجال الكراهية ، وهذا لعموم النهي عنه ، وصلاحية إطلاق لفظ العورة على ما ذكر مما اختلف فيه .