هذا الوضوء المأمور به من لحوم الإبل ، المباح من لحوم الغنم ، هو اللغوي ، ولذلك فرق بينهما ; لما في لحوم الإبل من الزفورة والزهم . وعلى تقدير كونه وضوءا شرعيا فهو منسوخ بما تقدم . وقد ذكرنا من تمسك بهذا الحديث .
وإباحة الصلاة في مرابض الغنم دليل nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك على طهارة فضلة ما يؤكل لحمه ; لأن مرابضها مواضع ربوضها وإقامتها ، ولا يخلو عن أبوالها وأرواثها .
وأما نهيه عن [ ص: 606 ] الصلاة في معاطن الإبل فليس لنجاسة فضلاتها ، بل لأمر آخر ، إما لنتن معاطنها ، أو لأنها لا تخلو غالبا عن نجاسة من يستتر بها عند قضاء الحاجة ، أو لئلا يتعرض لنفارها في صلاته ، أو لما جاء أنها من الشياطين ، وهذه كلها مما ينبغي للمصلي أن يتجنبها . ومع هذه الاحتمالات لا يصلح هذا الحديث للاستدلال به على نجاسة فضلاتها ، وقد أباح النبي - صلى الله عليه وسلم - للعرنيين شرب ألبان الإبل وأبوالها ، ولا يلتفت إلى قول من قال : إن ذلك لموضع الضرورة ; لأنها لا نسلمها ; إذ الأدوية في ذلك للمرض الذي أصابهم كثيرة ، ولو كان ذلك للضرورة لاستكشف عن حال الضرورة ، ولسأل عن أدوية أخرى حتى يتحقق عدمها ، ولو كانت نجسة لكان التداوي بها ممنوعا أيضا بالأصالة ، كالخمر ، ألا تراه لما سئل - صلى الله عليه وسلم - عن التداوي بالخمر فقال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=664339إنها ليست بدواء ، ولكنها داء " ، ولم يلتفت إلى الحاجة النادرة التي يباح فيه ; كإزالة الغصص بجرعة منها عند عدم مائع آخر . وحاصله : أن إخراج الأمور عن أصولها ، وإلحاقها بالنوادر لا يلتفت إليه لأنه خلاف الأصل .