وقوله " يتحينون " يعني : يقدرون أحيانها ليأتوا إليها فيها ، والحين : الوقت والزمان . وتشاورهم في هذا دليل على مراعاتهم المصالح والعمل بها ، وذلك أنهم لما شق عليهم التحين بالتبكير فيفوتهم عملهم ، أو بالتأخير فتفوتهم [ ص: 6 ] الصلاة - نظروا في ذلك ، فقال كل واحد منهم ما تيسر له من القول ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : أولا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة ! يعني يعرف بها ، فإن كيفية الأذان لم تكن معروفة عنده قبل ، وعند ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قم يا nindex.php?page=showalam&ids=115بلال فناد بالصلاة ; أي أذن . وهنا أحاديث يتوهم في الجمع بينها إشكال ; منها : أن أول من أري الأذان في النوم nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد ، فلما ذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر nindex.php?page=showalam&ids=115بلالا بالأذان ، فذكر nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أنه رأى مثل ذلك . وقد ذكر أصحاب المسندات أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع الأذان ليلة الإسراء ، وهذا كله لا إشكال فيه إذا تؤمل ، فإن الجمع ممكن ، وبيانه أنهم تفاوضوا في الأذان ، ويحتمل أن يكون عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر غائبين ، ثم إنهما قدما فوجدا المفاوضة ، فقال عبد الله ما قال ، وتلاه nindex.php?page=showalam&ids=2عمر . ولما رأى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قبول الرؤيا وصحتها قال : ألا تنادون للصلاة ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال : قم . وأما ما وقع في المسندات فلا يلزم من سماعه له أن يكون مشروعا في حقه ، والأقرب أن الرواة لا يستوفون القصص كما وقعت ، فروى بعض ما لم يروه غيره ، وبمجموع الأحاديث يتم الغرض .
وقوله " قم يا nindex.php?page=showalam&ids=115بلال فناد بالصلاة " حجة لمشروعية الأذان والقيام فيه ، [ ص: 7 ] وأنه لا يجوز أذان القاعد عند العلماء إلا أبا ثور ، وبه قال أبو الفرج من أصحابنا ، وأجازه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وغيره لعلة به إذا أذن لنفسه .
ويحصل من الأذان إعلام بثلاثة أشياء : بدخول الوقت ، وبالدعاء إلى الجماعة ومكان صلاتها ، وبإظهار شعار الإسلام .
وقد اختلف في حكمه ; فقال داود nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي - وهو ظاهر قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في الموطأ - بوجوبه في المساجد والجماعات ، وقيل : إنه فرض على الكفاية . وبه قال بعض أصحابنا وأصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وذهب الجمهور إلى أنه سنة مؤكدة في مساجد الجماعات والعشائر ، وهو المشهور من مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وغيره ، وسبب الاختلاف اختلافهم في قوله - عليه الصلاة والسلام - لبلال : قم يا nindex.php?page=showalam&ids=115بلال فناد بالصلاة ; هل هو محمول على ظاهره من الوجوب ؟ أم هو مصروف عن ذلك بالقرائن ؟ أعني قرائن التعليم . وأما من صار إلى أنه على الكفاية فيراعي ما يحصل منه من الفوائد الثلاثة المتقدمة الذكر.