قوله " المؤذنون أطول الناس أعناقا " اختلف في تأويله ; فقيل : معناه أطول الناس تشوفا إلى رحمة الله تعالى وثوابه ; لأن المتشوف يطيل عنقه لما يتشوف إليه . وقال nindex.php?page=showalam&ids=15409النضر بن شميل : إذا ألجم الناس العرق طالت أعناقهم لئلا يغشاهم ذلك الكرب . وقيل : معناه أنهم رؤساء ، والعرب تصف السادة بطول الأعناق ، قال الشاعر :
. . . . . . . . .
وطول أنصية الأعناق واللمم
وقيل : أكثر أتباعا. وقال nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : أكثر أعمالا . وفي الحديث : يخرج من النار عنق . ويقال : لفلان عنق من الخير - أي : قطعة منه . والعنق - بفتح العين والنون - ضرب من السير ، ومنه : لا يزال الرجل معنقا ما لم يصب دما حراما .
[ ص: 16 ] وقد احتج بهذا الحديث من رأى أن فضيلة الأذان أكثر من فضيلة الإمامة ، واعتذر عن كون النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يؤذن لما يشتمل عليه الأذان من الشهادة بالرسالة ، وقيل : إنما ترك الأذان لما فيه من الحيعلة ، وهي أمر ، فكان لا يسع أحدا ممن سمعه التأخر وإن كان له حاجة وضرورة . وقيل : لأنه كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في شغل عنه بأمور المسلمين ، وهذا هو الصحيح ، وقد صرح بذلك nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فقال : لولا الخليفى - أي الخلافة - لأذنت .
وقوله في الأم " أدبر الشيطان له حصاص " هو الضراط ، كما فسره في هذه الرواية . وقيل : إنه شدة العدو - قالهما أبو عبيد . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم بن أبي النجود : إذا ضرب بأذنيه ومصع بذنبه وعدا فذلك الحصاص ، وهذا يصح حمله على ظاهره ; إذ هو جسم مغتذ يصح منه خروج الريح . وقيل : إنه عبارة عن شدة الغيظ والنفار ، وذلك لما يسمع من ظهور الإسلام ودخولهم فيه وامتثالهم أوامره ، كما يعتريه يوم عرفة لما رأى من اجتماع الناس على البر والتقوى ولما يتنزل عليهم من الرحمة .