قوله : سبحانك اللهم وبحمدك ; سبحانك : اسم علم لمصدر سبح ، وقع موقعه ، فنصب نصبه ، وهو لا ينصرف ; للتعريف والألف والنون الزائدتين كعثمان ، ومعناه : البراءة لله من كل نقص وسوء . وهو في الغالب مما لا ينفصل عن الإضافة ، وقد جاء منفصلا عنها في قول الأعشى شاذا :
أقول لما جاءني فخره سبحان من علقمة الفاخر!
[ ص: 88 ] وقد أشربه في هذا البيت معنى التعجب ; فكأنه قال تعجبا : من علقمة ! هذا قول حذاق النحويين وأئمتهم . وقد ذهب بعضهم إلى أن سبحان جمع سباح ، من : سبح يسبح في الأرض : إذا ذهب فيها سبحا وسبحانا . وهذا كحساب وحسبان . وقيل : جمع سبيح للمبالغة من التسبيح ; مثل : خبير ، وعليم ، ويجمع : سبحان ; كقضيب ، وقضبان . وهذان القولان باطلان ; بدليل عدم صرفه كما ذكرناه من بيت الأعشى .
وقوله : وبحمدك ; متعلق بفعل محذوف دل عليه التسبيح ; أي : بحمدك سبحتك ; أي : بتفضلك وهدايتك . هذا قولهم ، وكأنهم لاحظوا أن الحمد هنا بمعنى الشكر .
قال الشيخ - رحمه الله - : ويظهر لي وجه آخر ، وهو إبقاء معنى الحمد على أصله كما قررناه أول الكتاب ، ويكون إثباتا للسبب ، ويكون معناه : بسبب أنك موصوف بصفات الكمال والجلال ; سبحك المسبحون ، وعظمك المعظمون ، والله تعالى أعلم [بغيبه وأحكم] .
وقوله : يتأول القرآن ; معناه : يمتثل ما آل إليه معنى القرآن في قوله تعالى : إذا جاء نصر الله والفتح [ النصر :1 ] وسيأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى .