[ ص: 113 ] و (قوله : " لا تكذبوا علي ; فإنه من يكذب علي يلج النار ") أي : يدخلها ، وماضيه : ولج ، ومصدره : الولوج ; ومنه قوله تعالى : يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل [ الحج : 61 ] .
وصدر هذا الحديث نهي ، وعجزه وعيد شديد ، وهو عام في كل كاذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ومطلق في أنواع الكذب .
ولما كان كذلك ، هاب قوم من السلف الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كعمر ، nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير بن العوام ، nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك ، وابن هرمز - رضي الله عنهم أجمعين - ; فإن هؤلاء سمعوا كثيرا وحدثوا قليلا ; كما قد صرح nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير - رضي الله تعالى عنه - بذلك ; لما قال له ابنه عبد الله - رضي الله عنه - : إني لا أسمعك تحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما يحدث فلان وفلان ؟ فقال : أما إني لم أكن أفارقه ، ولكني سمعته يقول : " nindex.php?page=hadith&LINKID=692349من كذب علي ، فليتبوأ مقعده من النار " . وقال nindex.php?page=showalam&ids=9أنس : إنه يمنعني أن أحدثكم حديثا كثيرا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=650103من كذب علي . . " الحديث .
ومنهم : من سمع وسكت ; كعبد الملك بن إياس ، وكأن هؤلاء تخوفوا من إكثار الحديث الوقوع في الكذب والغلط ; فقللوا ، أو سكتوا .
غير أن الجمهور : خصصوا عموم هذا الحديث ، وقيدوا مطلقه بالأحاديث التي ذكر فيها : متعمدا ; فإنه يفهم منها أن ذلك الوعيد الشديد إنما يتوجه لمن تعمد الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; وهذه الطريقة هي المرضية ; فإنها تجمع بين مختلفات الأحاديث ; إذ هي تخصيص العموم ، وحمل المطلق على المقيد مع اتحاد الموجب والموجب ، كما قررناه في الأصول .
هذا مع أن القاعدة الشرعية القطعية تقتضي أن المخطئ والناسي غير آثمين ولا مؤاخذين ، لا سيما بعد التحرز والحذر .