قوله : إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون ، أصل السعي : الجري ، ومنه قوله تعالى : يأتينك سعيا [ البقرة : 260 ] وقد يكون السعي : العمل ; كقوله تعالى : وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها [ البقرة : 205] وعلى هذا الثاني حمل nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك قوله تعالى : فاسعوا إلى ذكر الله [ الجمعة :9 ] وقد اختلف العلماء فيمن سمع الإقامة : هل يسرع أو لا ؟ فذهب الأكثر إلى أنه لا يسرع ، وإن خاف فوت الركعة ; تمسكا بهذا الحديث ، ونظرا إلى المعنى ; وذلك أنه إذا أسرع انبهر فتشوش عليه دخوله في الصلاة وقراءتها وخشوعها . وذهب جماعة من السلف ، [ ص: 220 ] منهم : nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود في أحد قوليه : إلى أنه إذا خاف فواتها أسرع . وقال إسحاق : يسرع إذا خاف فوت الركعة . وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك نحوه ، وقال : لا بأس لمن كان على فرس أن يحرك الفرس . وتأوله بعضهم على الفرق بين الراكب والماشي ; لأن الراكب لا ينبهر كما ينبهر الماشي ، والقول الأول أظهر .
وقوله : " وائتوها تمشون عليكم السكينة " : بنصب السكينة على الإغراء ، كأنه قال : الزموا السكينة ، والسكينة والوقار : اسمان لمسمى واحد ; لأن السكينة : من السكون ، والوقار : من الاستقرار والتثاقل ، وهما بمعنى واحد . وقد علل ملازمة الوقار : بأن الماشي إلى الصلاة هو في الصلاة . ومعناه : أنه لما خرج من بيته إلى المسجد يريد الصلاة كان له حكم الداخل في الصلاة من الوقار حتى يتم له التشبه به ، فيتحصل له ثوابه . وفي كتاب nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مرفوعا : nindex.php?page=hadith&LINKID=662420من توضأ فأحسن الوضوء ، ثم جاء إلى المسجد فوجد الناس قد صلوا ; أعطاه الله من الأجر مثل أجر من حضرها وصلاها ، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا .
وقوله : " ما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فأتموا " ، وفي الرواية الأخرى : صل ما أدركت ، واقض ما سبقك ، واختلف العلماء في الإتمام والقضاء المذكورين في هذا الحديث ; هل هما بمعنى واحد ؟ أو بمعنيين ؟ ويترتب على [ ص: 221 ] هذا الخلاف خلاف ، فيما يدركه الداخل : هل هو أول صلاته ؟ أو آخرها ؟ على ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه أول صلاته ، وأنه يكون بانيا عليه في الأفعال والأقوال ، وإليه صار جمهور السلف ، والعلماء ، nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وغيره .
وثانيها : أنه آخر صلاته ، وأنه يكون قاضيا في الأقوال والأفعال ، وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة . قال أبو محمد عبد الوهاب : وهو مشهور مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك .
وثالثها : أنه أول صلاته بالنسبة إلى الأفعال ، فيبني عليها ، وآخرها بالنسبة إلى الأقوال ، فيقضيها ، وكأن هذا جمع بين الخبرين . وهذه الأقوال الثلاثة مروية عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأصحابه . وسبب الخلاف ما أشرنا إليه . فتفهم .