وإذ قد فرغنا من الكلام على دلالة اللفظ ، فلنشرع الآن في الكلام على
الدلالة باللفظ ( والدلالة باللفظ : استعماله ) أي استعمال اللفظ في موضوعه الأول .
وهو المراد بقوله ( في الحقيقة ) أو استعماله في غير موضوعه الأول لعلاقة بين الغير وبين موضوعه الأول ، وهو المراد بقوله ( والمجاز ) والباء في قوله " باللفظ " للاستعانة والسببية ; لأن الإنسان يدلنا على ما في نفسه بإطلاق لفظه ، فإطلاق اللفظ " آلة " للدلالة ، كالقلم للكتابة . إذا علم ذلك ،
فالفرق بين دلالة اللفظ والدلالة باللفظ من وجوه . أولها : من جهة المحل . فإن محل دلالة اللفظ القلب ، ومحل الدلالة باللفظ اللسان . الثاني : من جهة الوصف ، فدلالة اللفظ ، صفة للسامع ، والدلالة باللفظ صفة للمتكلم .
الثالث : من جهة السبب ، فالدلالة باللفظ سبب ، ودلالة اللفظ مسبب عنها . الرابع : من جهة الوجود ، فكلما
[ ص: 40 ] وجدت دلالة اللفظ وجدت الدلالة باللفظ ، بخلاف العكس . الخامس : من جهة الأنواع ، فدلالة اللفظ ثلاثة أنواع : مطابقة ، وتضمن ، والتزام . والدلالة باللفظ نوعان : حقيقة ، ومجاز ( والملازمة ) التي تكون بين مدلول اللفظ ولازمه الخارج أنواع : ( عقلية ) كالزوجية اللازمة للاثنين ( وشرعية ) كالوجوب والتحريم اللازمين للمكلف ، وعادية كالارتفاع اللازم للسرير ( و ) قد ( تكون ) الملازمة ( قطعية ) كالوجود اللازم للموجود ( و ) قد تكون الملازمة ( ضعيفة جدا ) كالعادة اللازمة لزيد ، من كونه إذا أتى لمحل كذا يحجبه عمرو ( و ) قد تكون الملازمة ( كلية ) كالزوجية اللازمة لكل عدد له نصف صحيح ( و ) قد تكون الملازمة ( جزئية ) كملازمة المؤثر للأثر حال حدوثه .