( وكلها ) أي : وكل
الألفاظ من حيثية الاشتقاق وعدمه قسمان . قسم ( مشتق ) وهو ما دل على ذي صفة معينة ، كضارب وعالم ونحوهما ( و ) قسم ( غيره ) أي غير مشتق : وهو ما لم يدل على ذي صفة معينة كالجسم والإنسان والفرس ( و ) من حيث إنه وصف أو غير وصف قسمان أيضا : قسم ( صفة ) : إن دل على معنى قائم بذات كالحياة والعلم وقال العضد : " هنا الصفة ما تدل على ذات غير معينة باعتبار معنى معين كضارب " . ( و ) قسم ( غيرها ) أي غير صفة : إن لم يكن كذلك كالإنسان وزيد ونحوهما ( ويكون اللفظ الواحد متواطئا مشتركا ) باعتبارين ، كإطلاق لفظ " الخمر " على التمر والعنب . فيكون لفظ " الخمر " باعتبار نسبة التمر والعنب إليه متواطئا ، وباعتبار عدم النسبة مشتركا ( و ) يكون ( اللفظان متباينين مترادفين باعتبارين ) كلفظي " صارم " و " مهند " فإنهما متباينان بالنسبة إلى الصفة مترادفان بالنسبة إلى صدقهما على الحديدة المسماة بالسيف . وكذا " ناطق ، وفصيح " فإنهما متباينان بالنسبة إلى الاختلاف في المعنى ، مترادفان لصدقهما على موصوفهما
[ ص: 43 ] من إنسان أو لسان .
( و ) اللفظ ( المشترك ) فيه ( واقع لغة ) أي في اللغة عند أصحابنا والشافعية والحنفية والأكثر من طوائف العلماء في الأسماء . كالقرء في الحيض والطهر ، والعين في الباصرة والجارية والذهب وعين الشمس وعين الميزان . وغير ذلك . وفي الأفعال كعسعس : لأقبل وأدبر ، وعسى : للترجي والإشفاق ، والمضارع للحال والاستقبال . ووقوع الماضي خبرا ودعاء . كغفر الله لنا ، وفي الحروف كالباء للتبعيض وبيان الجنس والاستعانة والسببية ونحوها ( جوازا ) لأنه لا يمتنع وضع لفظ واحد لمعنيين مختلفين على البدل من واضع واحد أو أكثر ويشتهر الوضع ، ومنع جمع وقوع المشترك في اللغة . وردوا ما قال الأكثر أنه مشترك إلى التواطؤ أو الحقيقة والمجاز ، وعلى الصحيح وهو كون المشترك واقعا في اللغة : لا فرق بين كون مفهوميه ( تباينا ) وهو أن لا يصدق أحدهما على الآخر . فإن لم يصح اجتماعهما فهما متضادان ، كالقرء الموضوع للطهر والحيض .
وإن صح اجتماعهما فهما متخالفان . قال في شرح التحرير عن
الإسنوي : إنه لم يظفر لهما بمثال ( أو ) بين كون مفهوميه ( تواصلا ) بصدق أحدهما على الآخر ( بكونه ) أي بكون أحد المفهومين ( جزء ) المفهوم ( الآخر ) كلفظ " الممكن " فإنه موضوع للممكن بالإمكان العام والممكن بالإمكان الخاص ( أو ) بكونه ( لازمه ) أي لازم الآخر . كقولهم : طلعت الشمس . وجلسنا في الشمس فإن المراد بقولهم : جلسنا في الشمس : ضوء الشمس اللازم لها ( وكذا مترادف وقوعا ) يعني وكذا الخلاف في وقوع المترادف في اللغة . والصحيح الذي عليه أصحابنا والحنفية ، والشافعية : أنه واقع في اللغة في الأسماء ، والأفعال والحروف فمن أمثلته في الأسماء : الأسد والسبع والليث والغضنفر . فإنها كلها للحيوان المفترس المعروف ، وفي الأفعال : قعد وجلس وكذا مضى وذهب وفي الحروف : إلى ، وحتى . لانتهاء الغاية .
قال
ابن القيم ، في روضة المحبين
الأسماء الدالة على مسمى واحد نوعان .
أحدهما : أن تدل عليه باعتبار الذات فقط . فهذا هو المترادف ترادفا محضا .
[ ص: 44 ] كالحنطة والبر والقمح ، [ والاسم والكنية ] واللقب إذا لم يكن فيه مدح ولا ذم ، وإنما أتى لمجرد التعريف . والنوع الثاني : أن يدل على ذات واحدة باعتبار تباين صفاتها . كأسماء الرب ، وأسماء كلامه و [ أسماء ] نبيه ، وأسماء اليوم الآخر فهذا النوع مترادف بالنسبة إلى الذات ، متباين بالنسبة إلى الصفات . فالرب والرحمن والعزيز والقدير ونحوها تدل على ذات واحدة باعتبار صفات متعددة . وكذلك : البشير والنذير ، والحاشر والعاقب ونحوها وكذلك يوم القيامة ويوم البعث ويوم الجمع ويوم التغابن ويوم الآزفة ونحوها . وكذلك القرآن والفرقان والكتاب والهدى ونحوها ، وكذلك أسماء السيف .
فإن تعددها بحسب أوصافها ، وأوصافها مختلفة ، كالمهند والعضب والصارم ونحوها . قال : وقد أنكر كثير من الناس الترادف في اللغة ، وكأنهم أرادوا هذا المعنى ، وأنه ما من اسمين لمسمى واحد إلا وبينهما فرق في صفة أو نسبة أو إضافة . سواء علمت لنا أو لم تعلم ، وهذا الذي قالوه صحيح باعتبار الواضع الواحد ، ولكن قد يقع الترادف باعتبار واضعين مختلفين ، يسمى أحدهما المسمى باسم ، ويسميه الواضع الآخر باسم غيره ، ويشتهر الوضعان عن القبيلة الواحدة ، وهذا كثير ومن هذا يقع الاشتراك أيضا فالأصل في اللغة : هو التباين ، وهو أكثر اللغة انتهى .