( والأمر ب ) شيء ( معين ) ( نهي عن ضده ) أي ضد ذلك المعين ( معنى ) أي من جهة المعنى ، لا من جهة اللفظ عند أصحابنا والأئمة الثلاثة ، وذكره
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب عن الفقهاء ، وقاله
nindex.php?page=showalam&ids=15090الكعبي وأبو الحسين المعتزلي . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي وغيره : بناء على أصلنا أن مطلق الأمر للفور ، وعن باقي
المعتزلة : ليس نهيا عن ضده ، بناء على أصلهم في اعتبار إرادة الناهي ، وليست معلومة . وقطع به
النووي في الروضة في كتاب الطلاق . لأن القائل " اسكن " قد يكون غافلا عن ضد السكون وهو الحركة ، فليس عينه ولا يتضمنه .
وعند
الأشعرية : الأمر معنى في النفس . فقال بعضهم : هو عين النهي عن ضده الوجودي ، وهو قول
الأشعري . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد : بنى
الأشعري ذلك على أن الأمر لا صيغة له ، وإنما هو معنى قائم بالنفس ، فالأمر عندهم هو نفس النهي من هذا الوجه ، أي فاتصافه بكونه أمرا ونهيا كاتصاف الكون الواحد بكونه قريبا من شيء بعيدا من شيء . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12785ابن الصباغ وأبو الطيب والشيرازي : إنه ليس عين النهي ، ولكنه يتضمنه ويستلزمه من طريق المعنى . ونقل هذا عن أكثر الفقهاء ، واختاره
الآمدي ، إلا أن يقول بتكليف المحال . وقال
أبو المعالي والغزالي وإلكيا الهراسي : إنه ليس عين المنهي عن ضده ولا يقتضيه .
nindex.php?page=showalam&ids=12604وللقاضي أبي بكر الباقلاني [ ص: 331 ] الأقوال الثلاثة المتقدمة . وعند
الرازي في المحصول : يقتضي الكراهة ; لأن النهي لما لم يكن مقصودا سمي اقتضاء لأنه ضروري ; فيثبت به أقل ما يثبت بالنهي وهو الكراهة . والمراد بالضد هنا الوجودي . وذلك لأنه هو من لوازم نقيض الشيء المأمور به ( وكذا العكس ) يعني أن
النهي عن شيء يكون أمرا بضده ثم إنه قد يكون للمأمور ضد واحد ، كالأمر بالإيمان . فإنه نهي عن الكفر . وقد يكون للمنهي عنه ضد واحد ، كالنهي عن صوم يوم العيد ، فإنه أمر بفطره . وقد يكون لكل واحد منهما أضداد ، وهو المشار إليه بقوله ( ولو تعدد ضد ) وذلك كالأمر بالقيام ، فإن له أضدادا من قعود وركوع وسجود واضطجاع . ووجه ذلك أن أمر الإيجاب طلب فعل يذم تاركه إجماعا ، ولا ذم إلا على فعل ، وهو الكف عن المأمور به ، أو الضد . فيستلزم النهي عن ضده ، أو النهي عن الكف عنه .
ورده القائل بأن الأمر بمعين لا يكون نهيا عن ضده بأن الذم على الترك بدليل خارجي عن الأمر . وإن سلم فالنهي طلب كف عن فعل لا عن كف ، وإلا لزم تصور الكف عن الكف لكل أمر والواقع خلافه ، وفي هذا الرد نظر ومنع ، ولأن المأمور به لا يتم إلا بترك ضده ، فيكون مطلوبا . وهو معنى النهي . والخلاف في كون النهي عن شيء لا يكون أمرا بضده كالخلاف في كون الأمر بشيء لا يكون نهيا عن ضده . والصحيح من الخلافين ما في المتن