( فصل ) القسم الثاني
من المخصص المتصل
( الشرط ) ( ويختص ) الشرط ( اللغوي منه ) أي من الشرط المطلق ( بكونه ) أي بكون الشرط اللغوي ( مخصصا ) قال
البرماوي ، في شرح منظومته : الشرط ثلاثة أقسام ، ثم قال : الثاني اللغوي . والمراد به صيغ التعليق " بإن " ونحوها . وهو ما يذكر في أصول الفقه في المخصصات للعموم نحو " قوله تعالى {
وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن } . ومنه قولهم في الفقه : العتق المعلق على شرط . والطلاق المعلق على شرط . وهذا - كما قال
القرافي وغيره - يرجع إلى كونه سببا ، حتى يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم لذاته . ووهم من فسره هناك بتفسير الشرط المقابل للسبب والمانع ، كما وقع لكثير من الأصوليين كالطوفي فجعل المخصص هنا من الشرط اللغوي . ووهم من قال غيره . قال في شرح التحرير : وظاهر كلام
ابن قاضي الجبل وابن مفلح : أن المحدود في المخصصات يشمل الشروط الثلاثة فإن قال
ابن قاضي الجبل قال - لما ذكر حد
nindex.php?page=showalam&ids=13439الموفق والغزالي - ولا يمنع لزوم الدور بحمل الشرط على اللغوي ; إذ المحدود هو الشرط الذي هو أعم من العقلي والشرعي واللغوي والعادي .
[ ص: 408 ]
قلت : ومما يدل على أن المراد الشرط اللغوي : تمثيلهم بذلك انتهى ( وهو ) أي الشرط ( مخرج ما لولاه ) أي لولا الشرط ( لدخل ) ذلك المخرج . نحو أكرم
بني تميم إن دخلوا . فيقصره الشرط على من دخل ( ويتحد ) الشرط ، مثل إن دخل زيد الدار فأكرمه ، أو فأكرمه وأعطه ، أو فأكرمه أو أعطه ( ويتعدد ) الشرط ( على الجمع ) مثل إن دخل زيد الدار والسوق ( و ) يتعدد الشرط على ( البدل ) مثل إن دخل زيد الدار أو السوق . فهذه ( ثلاثة أقسام كل منها ) أي من الأقسام ( مع الجزاء كذلك ) أي كالشرط ، يعني أن الجزاء إما أن يكون متحدا ، أو متعددا على سبيل الجمع ، أو متعددا على سبيل البدل . كما مثلنا . فتكون الأقسام تسعة من ضرب ثلاثة في ثلاثة ( ويتقدم ) الشرط ( على الجزاء لفظا ) أي في اللفظ ( لتقدمه ) أي تقدم الشرط على الجزاء ( في الوجود طبعا ) لأن الجزاء إنما يكون بعد شيء يجازى عليه ( وما ظاهره ) أي تركيب ظاهره ( أنه ) أي أن الشرط ( مؤخر ) فيه عن الجزاء ( الجزاء فيه محذوف قام مقامه . ودل عليه ما تقدم ) فقول القائل : أكرمتك إن دخلت الدار .
خبر . والجزاء محذوف مراعاة لتقدم الشرط . كتقدم الاستفهام والقسم . قال
ابن مالك في التسهيل : لأداة الشرط صدر الكلام . فإن تقدم عليها سببه فالجواب معنى . فهو دليل الجواب وليس إياه ، خلافا
للكوفيين nindex.php?page=showalam&ids=15153والمبرد وأبي زيد .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب في مختصره : إن عنوا أن المقدم ليس بجزاء للشرط في اللفظ وإن عنوا أنه ليس بجزاء للشرط لا لفظا ولا معنى . فهو عناد ، لأن الإكرام يتوقف على الدخول ، فيتأخر عنه من حيث المعنى . فيكون جزاء له معنى . قال : والحق أنه لما كان المتقدم - أي أكرمتك - جملة مستقلة من حيث اللفظ دون المعنى : روعيت الشائبتان فيه ، أي شائبة الاستقلال من حيث اللفظ ، فحكم بكونه جزاء ، وشائبة عدم الاستقلال من حيث المعنى ، فحكم بأن الجزاء محذوف ، لكونه مذكورا من حيث المعنى . انتهى . ( ويصح إخراج الأكثر ) من الباقي ( به ) أي
[ ص: 409 ] بالشرط . قال في المحصول : اتفقوا على أنه يحسن التقييد بشرط أن يكون الخارج منه أكثر من الباقي ، وإن اختلفوا فيه في الاستثناء انتهى . فلو قال : أكرم
بني تميم إن كانوا علماء ، خرج جهالهم ولو أنهم كلهم ( وهو ) أي الشرط ( في اتصال بمشروط ، و ) في ( تعقب جمل متعاطفة : كاستثناء ) يعني أنه يشترط اتصال الشرط . بالمشروط ، كما يشترط اتصال الاستثناء بالمستثنى منه ، لكن قوله " إن شاء الله " يسمى استثناء ، وأن الشرط إذا تعقب جملا متعاطفة عاد إلى الكل عند الأربعة وغيرهم ، وحكى
الغزالي عدم عوده للجميع عن
الأشعرية . وعلى كل حال هو أولى بالعود إلى الكل من الاستثناء ، بدليل موافقة
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة عليه .
مثاله : أكرم
قريشا وأعط
تميما إن نزلوا بكذا . ( ويحصل معلق عليه ) أي على شرط ( عقبه ) أي عقب وجود الشرط . ( و ) يحصل ( عقد ) أي ترتب أثره من بيع ونكاح ونحوهما ( عقب صيغة ) ذلك العقد . قال
ابن قاضي الجبل :
هل يحصل الشرط مع المشروط أو بعده ؟ وكذلك قولك : بعتك أو وهبتك ، هل يحصل مع الكاف أو بعدها ؟ على قولين . الأكثرون من
المتكلمين على أنها معها . وهو اختيار
ابن عبد السلام . والثاني بعده ، وهو الصحيح . قاس الأولون الشرط على العلة العقلية . والتحقيق المنع فيهما ، ولهذا يدخل في كسرته فانكسر إلى غير ذلك . قال شارح التحرير : قلت وما صححه هو ظاهر كلام الأصحاب في تعليق الطلاق بالشرط .