( وإن
اختلف سببهما ) أي سبب المطلق والمقيد مع اتحاد الحكم ، كإعتاق الرقبة في القتل وفي الظهار واليمين .
أما الظهار : فقد وردت فيه مطلقة في قوله تعالى {
والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا } وقال في اليمين
[ ص: 424 ] {
فكفارته إطعام عشرة مساكين } - إلى قوله - {
أو تحرير رقبة } وأما في القتل : فإنها وردت فيه مقيدة بالإيمان في قوله تعالى {
فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله } ومن ذلك - ويصلح أن يكون مثالا للندبين - قوله تعالى {
واستشهدوا شهيدين من رجالكم } وقوله تعالى {
وأشهدوا ذوي عدل منكم } حمل المطلق على المقيد قياسا بجامع بينهما عند
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي رضي الله تعالى عنهما . وأكثر أصحابهما لتخصيص العموم بالقياس ، قال
ابن قاضي الجبل : وبه تقول المالكية والشافعية
والآمدي nindex.php?page=showalam&ids=12671وابن الحاجب والرازي nindex.php?page=showalam&ids=12604والباقلاني ونسبه للمحققين . انتهى وعنه لا يحمل عليه وفاقا للحنفية ومن تبعهم . ومثل ذلك في الحكم ما أشير إليه بقوله ( أو ) اختلف ( سبب مقيدين متنافيين ومطلق ) فإن الحكم في ذلك ما أشير إليه بقوله ( حمل المطلق ) يعني على المقيد ( قياسا بجامع ) مثال ذلك - مع اتحاد الجنس - تتابع صوم الظهار ، فإنه قد ورد النص بتتابعه بقوله تعالى {
فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين } وتفريق صوم المتعة فإن النص ورد بتفريقه لقوله تعالى {
فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم } وورود قضاء رمضان مطلقا لم يرد به تتابع ولا تفريق . قال الله تعالى {
فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } فأطلق القضاء . وحيث حملنا المطلق على المقيد قياسا بجامع على الراجح من الخلاف المتقدم ، فإنه لا يلحق بواحد منهما لغة بلا خلاف . إذ لا مدخل للغة في الأحكام الشرعية . قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13028المجد في المسودة ، وتبعه
ابن مفلح ، فإذا حملنا المطلق على أحد المقيدين فيكون الحمل على أشبه المقيدين بالمطلق . قال
الطوفي وغيره تبعا
nindex.php?page=showalam&ids=13439للموفق في الروضة : حملا على المطلق على أشبههما به ( وإلا ) أي وإن لم يختلف السبب ، ولم يمكن حمل المطلق على أحد المقيدين قياسا بجامع بين المطلق وأحد المقيدين ( تساويا ) في عدم الحمل على واحد منهما ( وسقطا ) كأنهما لم يكونا . قال
البرماوي : وإن كان السبب واحدا . فإن كان حمله على أحدهما أرجح من الآخر ، بأن كان القياس فيه أظهر : قيد به . لأن العمل بالقياس الأجلى
[ ص: 425 ] أولى . فإن تساويا عمل بالمطلق ويلغى المقيدان ، كالبينتين إذا تعارضتا . فإن الأرجح فيهما التساقط . وكانا كمن لا بينة هناك . وعبارته في القواعد الأصولية . وأما إذا أطلقت الصورة الواحدة ، ثم قيدت تلك الصورة بعينها بقيدين متنافيين ، كقوله صلى الله عليه وسلم " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=10682إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات } وورد في رواية {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9125إحداهن بالتراب } [ رواها الدارقطني ولم يضعفها وذكر النووي في المسائل المنثورة أنه حديث ثابت ولكن ذكر في الخلاصة رواية إحداهن لم تثبت ] وفي رواية {
nindex.php?page=hadith&LINKID=44067أولاهن بالتراب } [ رواها مسلم ] وفي أخرى {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46744السابعة بالتراب } رواها
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود . وهي معنى " [ ما رواه مسلم ] وعفروه الثامنة بالتراب " قيل : إنما سميت " ثامنة " لأجل استعمال التراب معها . فلما كان القيدان متنافيين تساقطا ورجعنا إلى الإطلاق في " إحداهن " ففي أي غسلة جعل جاز ، إذا أتى عليه من الماء ما يزيله ليحصل المقصود منه ، لكن اختلف في الأولوية على أقوال عندنا . أحدها : أن إحدى الغسلات ليست بأولى من غيرها . وهو ظاهر كلام
nindex.php?page=showalam&ids=13439الموفق في المقنع وجماعة كثيرة . وهو موافق لما قلنا أولا . وهو التساقط والرجوع إلى الإطلاق . وعنه الأولى أن يكون التراب في الأولى ، وهذا قطع به في المغني والشرح والكافي ، والنظم والحاوي الصغير وغيرهم ، واختاره جماعة كثيرة . وهو المذهب على المصطلح وعنه الأخيرة أولى . قال
البرماوي : ما ذكر في مسألة اتحاد السبب إذا لم يكن أولى بأحد القيدين من طرحهما ، والعمل بالمطلق هو ما أجاب به
القرافي لبعض الحنفية في قوله : إن الشافعية خالفوا قاعدتهم في
حمل المطلق على المقيد في حديث الولوغ . فإنه قد جاء " إحداهن وهو مطلق وجاء في رواية أولاهن وفي رواية أخراهن " وهما قيدان متنافيان فلم يحملوا وجوزوا الترتيب في كل من السبع . فقال له
القرافي : ذلك إنما هو حيث يكون قيدا واحدا أما في القيدين فيعمل بالمطلق ( وأصل كوصف في حمل ) قال في القواعد الأصولية : وظاهر كلام أصحابنا يحمل المطلق على المقيد في الأصل ، كما حمل عليه في الوصف ، لأنهم حكوا في كفارة القتل في وجوب الإطعام روايتين : الوجوب إلحاقا [ لكفارة القتل بكفارة ] الظهار كما حكوا روايتين في اشتراط وصف الإيمان في كفارة الظهار . والاشتراط إلحاقا [ لكفارة الظهار ] بكفارة القتل . فدل هذا من كلامهم [ على أنه ] لا فرق في الحمل بين الأصل والوصف وممن قال بأنه لا فرق في الحمل بين الأصل والوصف ،
ابن خيران من الشافعية . ولكن قال
الروياني [ من الشافعية ] في البحر : المراد بحمل المطلق على المقيد
[ ص: 426 ] إنما هو المطلق بالنسبة إلى الوصف دون الأصل ( ومحل حمل ) مطلق على مقيد ( إذا لم يستلزم ) الحمل ( تأخير بيان عن وقت حاجة . فإن استلزمه حمل المسمى في إثبات على الكامل الصحيح ، لا على إطلاقه في قول ) لبعض المحققين من أصحابنا وغيرهم . قالوا : المطلق من الأسماء يتناول الكامل من المسميات في إثبات لا نفي كالماء والرقبة وعند النكاح الخالي عن وطء يدخل في قوله تعالى {
ولا تنكحوا } و [ لا يدخل ] في قوله تعالى {
حتى تنكح } ولو
حلف لا يتزوج حنث بمجرد العقد عند الأئمة الأربعة . ولو حلف ليتزوجن لم يحنث بمجرده عند
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك رضي الله تعالى عنهما وكذا قال بعض أصحابنا الواجبات المطلقة تقتضي السلامة من العيب في عرف الشارع بدليل الإطعام في الكفارة والزكاة . وصرح
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي nindex.php?page=showalam&ids=13372وابن عقيل وغيرهما من أئمة أصحابنا أن إطلاق الرقبة في الكفارة تقتضي الصحة بدليل البيع وغيره . والقول الثاني : فيما إذا استلزم الحمل تأخير البيان عن وقت الحاجة : أن المطلق يحمل على إطلاقه قاله طائفة .
قال في القواعد الأصولية :
محل حمل المطلق على المقيد إذا لم يستلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة . فإن استلزمه حمل على إطلاقه . قاله طائفة من محققي أصحابنا .
مثال ذلك : لما أطلق النبي صلى الله عليه وسلم لبس الخفين
بعرفات . وكان معه الخلق العظيم من أهل
مكة والبوادي
واليمن ممن لم يشهد خطبته
بالمدينة . فإنه لا يقيد بما قاله في
المدينة ، وهو قطع الخفين . ونظير هذا في حمل اللفظ على إطلاقه : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46745قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن سألته عن دم الحيض حتيه ، [ ثم اقرصيه ] ثم اغسليه بالماء } لم يشترط عددا ، مع أنه وقت حاجة . فلو كان العدد شرطا لبينه ولم يحلها على ولوغ الكلب . فإنها ربما لم تسمعه . ولعله لم يكن شرع الأمر بغسل ولوغه . انتهى