( ثم قد تكون ) العلة ( رافعة أو دافعة أو فاعلتهما ، وصفا حقيقيا ظاهرا منضبطا ، أو عرفيا مطردا ، أو لغويا ) في الأصح ، فيكون
الوصف المجعول علة ثلاثة أقسام ; فإنه تارة يكون دافعا لا رافعا ، ويكون رافعا لا دافعا ويكون دافعا رافعا ، وله أمثلة كثيرة فمن الأول : العدة ، فإنها دافعة للنكاح إذا وجدت في ابتدائه ، لا رافعة له إذا طرأت في أثناء النكاح فإن الموطوءة بشبهة تعتد وهي باقية على الزوجية ومن الثاني : الطلاق ، فإنه يرفع حل الاستمتاع ولا يدفعه ; لأن الطلاق إلى استمراره لا يمنع وقوع نكاح جديد بشرط ، ومن الثالث : الرضاع ، فإنه يمنع من ابتداء النكاح ، وإذا طرأ في أثناء العصمة رفعها ، وإنما كان هذا وشبهه من موانع النكاح يمنع من الابتداء والدوام لتأبده واعتضاده ; لأن الأصل في الارتضاع الحرمة ، وتكون العلة أيضا وصفا حقيقيا ، وهو ما يعقل باعتبار نفسه ، ولا يتوقف على وضع ، كقولنا : مطعوم ، فيكون ربويا فالطعم مدرك بالحس ، وهو أمر حقيقي ، أي لا تتوقف معقوليته على معقولية غيره .
ويعتبر فيه أمران ، أحدهما : أن يكون ظاهرا لا خفيا ، الثاني : أن يكون منضبطا ، أي متميزا عن غيره . ولا خلاف في التعليل به وتكون العلة أيضا وصفا عرفيا ويشترط فيه أن يكون مطردا لا يختلف بحسب الأوقات ، وإلا لجاز أن يكون ذلك العرف في زمن النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره فلا يعلل به . مثاله : الشرف والخسة في الكفاءة وعدمها فإن الشرف يناسب التعظيم والإكرام ، والخسة تناسب ضد ذلك فيعلل به بالشرط المتقدم وتكون العلة أيضا : وصفا لغويا مثاله : تعليل تحريم النبيذ
[ ص: 491 ] لأنه يسمى خمرا . فحرم كعصير العنب وفي التعليل به خلاف والصحيح : صحة التعليل به قطع به
ابن البناء في العقود والخصائل قال : كقولنا في النباش : هو سارق فيقطع ، وفي النبيذ خمر فيحرم وصححه غيره من العلماء . قال
المحلي : بناء على ثبوت اللغة بالقياس ومقابل الأصح قول : بأنه لا يعلل الحكم الشرعي بالأمر اللغوي .