( ويجوز
التعبد بالقياس ) في الشرعيات ( عقلا ) عند الأئمة الأربعة وغيرهم ، خلافا
للشيعة ، وجماعة من معتزلة
بغداد . قال
البرماوي : ومنهم من منعه عقلا . فقيل : لأنه قبيح في نفسه فيحرم . وقيل : لأنه يجب على الشارع أن يستنصح لعباده ، وينص لهم على الأحكام كلها ، وهذا على رأي
المعتزلة المعلوم فساده . وأوجب التعبد به القاضي
nindex.php?page=showalam&ids=11851وأبو الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=15021والقفال وأبو الحسين البصري . ومعنى التعبد به عقلا : أنه يجوز أن يقول الشارع ، إذا ثبت حكم في صورة ووجد في صورة أخرى مشاركة للصورة الأولى في وصف ، وغلب على ظنكم أن هذا الحكم في الصورة الأولى معلل بذلك الوصف ، فقيسوا الصورة الثانية على الأولى .
استدل للمذهب الأول الصحيح بأنه لا يمتنع عقلا أن يقول الشارع : حرمت الخمر لإسكارها ، فقيسوا
[ ص: 535 ] عليها ما في معناها ; لأن هذا يتضمن دفع ضرر مظنون ، وهو واجب عقلا ، فالقياس واجب عقلا ، والوجوب يستلزم الجواز . وقال المخالف : العقل يمنع من وقوع ما فيه خطأ ; لأنه محذور . رد منع احتياطا لا إحالة ، ثم لا منع مع ظن الصواب ، بدليل العموم وخبر الواحد والشهادة ( و ) على القول بالجواز ( وقع شرعا ) عند المعظم من أصحابنا وغيرهم . ومنعه
nindex.php?page=showalam&ids=15858داود وابنه
والقاشاني والنهرواني وبعض أصحابنا وجمع ، وهو رواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رحمه الله . وحملها
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي nindex.php?page=showalam&ids=13372وابن عقيل على قياس خالف نصا .
وابن رجب على من لم يبحث عن الدليل ، أو لم يحصل شروطه ( و ) على الأول ( وقوعه بدليل السمع قطعي ) عند
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11851وأبي الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=13372وابن عقيل ، وعليه الأكثر .
وفي كلامهم أيضا : أنه ظني ( وهو ) أي القياس ( حجة ) عند الأكثر من أصحابنا وغيرهم . وقد احتج
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي وغيره على العمل بالقياس بقول
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رحمه الله : لا يستغني أحد عن القياس ، وقوله في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=15371الميموني : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عنه ، فقال : ضرورة ، وأعجبه ذلك . وذكر
ابن حامد عن بعض أصحابنا : أنه ليس بحجة ; لقول
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=15371الميموني : يجتنب المتكلم هذين الأصلين : المجمل ، والقياس وحمله
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي nindex.php?page=showalam&ids=13372وابن عقيل على قياس عارضه سنة . قال
ابن رجب : فتنازع أصحابنا في معناه .
فقال بعض المتقدمين والمتأخرين : هذا يدل على المنع من استعمال القياس في الأحكام الشرعية بالكلية . وأكثر أصحابنا لم يثبتوا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في العمل بالقياس خلافا ،
كابن أبي موسى ،
nindex.php?page=showalam&ids=14953والقاضي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13372وابن عقيل ، وغيرهم ، وهو الصواب . انتهى . واستدل لكونه حجة - وهو الصحيح - بقوله تعالى {
فاعتبروا يا أولي الأبصار } .
والاعتبار : اختبار شيء بغيره وانتقال من شيء إلى غيره والنظر في شيء ليعرف به آخر من جنسه ، فإن قيل : هو الاتعاظ لسياق الآية ، رد بأنه مطلق فإن قيل : الدال على الكلي لا يدل على الجزئي . رد بلى ، ثم مراد الشارع : القياس الشرعي ; لأن خطابه غالبا بالأمر الشرعي . وفي كلام أصحابنا وغيرهم : عام لجواز الاستثناء ، ثم متحقق فيه ; لأن المتعظ بغيره منتقل من العلم بغيره إلى نفسه .
فالمراد قدر مشترك ، وسبق في الأمر ظهور صيغة " افعل " في الطلب واحتج
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي [ ص: 536 ] nindex.php?page=showalam&ids=11851وأبو الخطاب وغيرهما بقوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9555إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران . وإن أخطأ فله أجر } رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم . واحتج أصحابنا أيضا وغيرهم بإجماع الصحابة . قال بعض أصحابنا
والآمدي وغيرهم : هو أقوى الحجج ، فمنه اختلافهم الكثير الشائع المتباين في ميراث الجد مع الإخوة ، وفي الأكدرية والخرقاء ، ولا نص عندهم . إذا تقرر هذا فيكون
القياس حجة ( في الأمور الدنيوية ) غير الشرعية اتفاقا ، كمداواة الأمراض والأغذية والأسفار والمتاجر ونحو ذلك ( و ) يكون القياس حجة في ( غيرها ) أي غير الأمور الدنيوية ، من الأمور الشرعية عند الأكثر من القائلين بالقياس للأدلة المتقدمة .
ومنع
nindex.php?page=showalam&ids=12604القاضي أبو بكر الباقلاني ، ومن تبعه كونه حجة في قياس العكس . قال
ابن مفلح : فإن قيل : ما حكم قياس العكس ؟ قيل : حجة . ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي وغيره من أصحابنا والمالكية ، وهو المشهور عن الشافعية والحنفية ، كالدلالة لطهارة دم السمك بأكله به ; لأنه لو كان نجسا لما أكل به . كالحيوانات النجسة الدم ، ونحو لو سنت السورة في الأخريين لسن الجهر فيهما كالأوليين . وفي
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46817في بضع أحدكم صدقة . قالوا : يا رسول الله : أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال : أرأيتم لو وضعها في حرام ، أكان عليه [ فيها ] وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر } ومنع قوم
القياس في إثبات أصول العبادات ، فنفوا جواز الصلاة بالإيماء المقيسة على صلاة القاعد بجامع العجز . ومنعه
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأصحابه في حد وكفارة وبدل ورخص ومقدر . لنا عموم دليل كون القياس حجة ، وقول الصحابي " إذا سكر هذى وإذا هذى افترى " وكبقية الأحكام .
ومنعه جمع في سبب وشرط ومانع ، كجعل الزنا سببا لإيجاب الحد . فلا يقاس عليه اللواط . وصححه
الآمدي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12671وابن الحاجب . وجزم به
nindex.php?page=showalam&ids=13926البيضاوي ، لكن نقل
الآمدي عن أكثر الشافعية جريانه فيها . ومشى عليه في جمع الجوامع
( والنص على علة حكم الأصل يكفي في التعبد ) عند أصحابنا والأكثر . واحتج
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد رحمه الله لعدم جواز بيع رطب بيابس {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46818بنهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الرطب بالتمر } وقال :
[ ص: 537 ] nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=13439والموفق وأكثر الشافعية : إن ورد التعبد بالقياس كفى ، وإلا فلا .
والبصري يكفي في علة التحريم لا غيرها . قال
الشيخ تقي الدين : هو قياس مذهبنا وسمى
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل المنصوص استدلالا . وقال : مذهبنا ليس بقياس . وقاله أيضا بعض الفقهاء ( والحكم المتعدي إلى فرع بعلة منصوصة مراد بالنص ، كعلة مجتهد فيها فرعها مراد بالاجتهاد ) قاله
ابن مفلح وغيره ; لأن الأصل مستتبع لفرعه ، خلافا لبعضهم . ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب قال
nindex.php?page=showalam&ids=13028المجد : كلام
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبي الخطاب يقتضي أنها مستقلة . قال : وعندي أنها مبنية على المسألة قبلها . قال
الشيخ تقي الدين : وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي [ ما هو ] أعم من ذلك ، فقال : الحكم بالقياس على أصل منصوص عليه مراد بالنص الذي في الأصل ، خلافا لبعض
المتكلمين .