مسألة : في قوله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30832لا صلاة إلا بطهور }
و {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30835لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب } و {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30897لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل } و {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31085لا نكاح إلا بولي } و {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31083لا نكاح إلا بشهود } و
{ nindex.php?page=hadith&LINKID=31122لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه } و { nindex.php?page=hadith&LINKID=30864لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد } . فإن هذا نفي لما ليس منفيا بصورته ، فإن صورة النكاح والصوم والصلاة موجودة كالخطإ والنسيان . وقالت
المعتزلة : هو مجمل لتردده بين نفي الصورة والحكم . وهو أيضا فاسد ، بل فساده في هذه الصورة أظهر ، فإن الخطأ والنسيان ليس اسما شرعيا ، والصلاة والصوم والوضوء والنكاح ألفاظ تصرف الشرع فيها فهي شرعية ، وعرف الشرع في تنزيل الأسامي الشرعية على مقاصده كعرف اللغة على ما قدمنا وجه تصرف الشرع في هذه الألفاظ فلا يشك في أن الشرع ليس يقصد بكلامه نفي الصورة فيكون خلفا بل يريد نفي الوضوء والصوم والنكاح الشرعي ، فعرف الشرع يزيل هذا الاحتمال فكأنه صرح بنفي الصلاة الشرعية والنكاح الشرعي . فإن قيل : فيحتمل نفي الصحة ونفي الكمال أي : لا صلاة كاملة ولا صوم فاضلا ولا نكاح مؤكدا ثابتا ، فهل هو محتمل بينهما ؟
قلنا ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12604القاضي إلى أنه مردد بين نفي الكمال والصحة ، إذ لا بد من إضمار الصحة أو الكمال ، وليس أحدهما بأولى من الآخر والمختار أنه ظاهر في نفي الصحة محتمل لنفي الكمال على سبيل التأويل ; لأن الوضوء والصوم صارا عبارة عن الشرعي ، وقوله : " لا صيام " صريح في نفي الصوم ، ومهما حصل الصوم الشرعي ، وإن لم يكن فاضلا كاملا كان ذلك على خلاف مقتضى النفي .
فإن قيل : فقوله : صلى الله عليه وسلم {
لا عمل إلا بنية } من قبيل قوله : " لا صلاة أو من قبيل قوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=19568رفع عن أمتي الخطأ والنسيان } ؟
قلنا : الخطأ والنسيان ليسا من الأسماء الشرعية والصوم والصلاة من الأسماء الشرعية ، وأما العمل فليس للشرع فيه
[ ص: 189 ] تصرف . وكيفما كان فقوله : صلى الله عليه وسلم : {
لا عمل إلا بنية } وقوله {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12419إنما الأعمال بالنيات } يقتضي عرف الاستعمال نفي جدواه وفائدته كما يقتضي عرف الشرع نفي الصحة في الصوم والصلاة ، فليس هذا من المجملات ، بل من المألوف في عرف الاستعمال قولهم : لا علم إلا ما نفع ولا كلام إلا ما أفاد ولا حكم إلا لله ولا طاعة إلا له ولا عمل إلا ما نفع وأجدى ، وكل ذلك نفي لا ينتفي وهو صدق ; لأن المراد منه نفي مقاصده . دقيقة :
nindex.php?page=showalam&ids=12604القاضي رحمه الله إنما لزمه جعل اللفظ مجملا بالإضافة إلى الصحة والكمال من حيث إنه نفى الأسماء الشرعية وأنكر أن يكون للشرع فيها عرف يخالف الوضع ، فلزمه إضمار شيء في قوله عليه السلام " لا صيام " أي لا صيام مجزئا صحيحا أو لا صيام فاضلا كاملا ولم يكن أحد الإضمارين بأولى من الآخر .
وأما نحن إذا اعترفنا بعرف الشرع في هذه الألفاظ صار هذا النفي راجعا إلى نفس الصوم كقوله : لا رجل في البلد ، فإنه يرجع إلى نفي الرجل ولا ينصرف إلى الكمال إلا بقرينة الاحتمال .