خاتمة جامعة
: اعلم أن
الإجمال تارة يكون في لفظ مفرد وتارة يكون في لفظ مركب وتارة في نظم الكلام والتصريف وحروف النسق ومواضع الوقف والابتداء . أما اللفظ المفرد فقد يصلح لمعان مختلفة كالعين للشمس والذهب والعضو الباصر والميزان ، وقد يصلح لمتضادين كالقرء للطهر والحيض والناهل للعطشان والريان ، وقد يصلح لمتشابهين بوجه ما كالنور للعقل ونور الشمس ، وقد يصلح لمتماثلين كالجسم للسماء والأرض والرجل لزيد وعمرو ، وقد يكون موضوعا لهما من غير تقديم وتأخير ، وقد يكون مستعارا لأحدهما من الآخر كقولك : الأرض أم البشر ، فإن الأم وضع اسم للوالدة أولا ، وكذلك اسم المنافق والكافر والفاسق والصوم والصلاة فإنه نقل في الشرع إلى معان ولم يترك المعنى الوضعي أيضا . أما الاشتراك مع التركيب فكقوله تعالى : {
أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح } فإن جميع هذه الألفاظ مرددة بين الزوج والولي . وأما الذي بحسب التصريف فكالمختار للفاعل والمفعول .
وأما الذي بحسب نسق الكلام فكقولك : كل ما علمه الحكيم فهو كما علمه ، فإن قولك " فهو كما علمه " متردد بين أن يرجع إلى كل ما " وبين أن يرجع إلى الحكيم حتى يقول : والحكيم يعلم الحجر ، فهو إذا كالحجر . وقد يكون بحسب
[ ص: 191 ] الوقف والابتداء ، فإن الوقف على السموات في قوله تعالى : {
وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم } له معنى يخالف الوقف على الأرض والابتداء بقوله : {
يعلم سركم وجهركم } وقوله تعالى : {
وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم } من غير وقف يخالف الوقف على قوله : إلا الله وذلك لتردد الواو بين العطف والابتداء . ولذلك قد يصدق قولك : الخمسة زوج وفرد أي هو اثنان وثلاثة ، ويصدق قولك : الإنسان حيوان وجسم ; لأنه حيوان وجسم أيضا . ولا يصدق قولك : الإنسان حيوان وجسم ، ولا قولك : الخمسة زوج وفرد ; لأن الإنسان ليس بحيوان وجسم وليست الخمسة زوجا وفردا أيضا ; وذلك ; لأن الواو يحتمل جمع الأجزاء وجمع الصفات . وكذلك تقول : زيد طبيب بصير ، يصدق ، وإن كان جاهلا ضعيف المعرفة بالطب ولكن بصير بالخياطة ، فيتردد البصير أن يراد به البصير في الطب أو يراد وصف زائد في نفسه . فهذه أمثلة مواضع الإجمال .