مسألة الأمر بالأمر بالشيء ليس أمرا ما لم يدل عليه دليل
الأمر بالأمر بالشيء ليس أمرا ما لم يدل عليه دليل
مثاله قوله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام : {
خذ من أموالهم صدقة تطهرهم } لا يدل على وجوب الأداء بمجرده على الأمة ، وربما ظن ظان أنه يدل على الوجوب ، وليس الأمر كذلك ;
[ ص: 217 ] لكن دل الشرع على أن أمر النبي عليه الصلاة والسلام واجب الطاعة ، وأنهم لو كانوا مأذونين في المنع لكان ذلك تحقيرا للنبي عليه السلام ، وتنفيرا للأمة عنه ، وذلك يغض من قدره ، ويشوش مقصود الشرع ، وإلا فلا يستحيل أن يقال للزوج
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إذا قال لزوجته : " أنت بائن على نية الطلاق " . راجعها ، وطالبها بالوطء ، ويقال للحنفية التي ترى أنها بائنة : يجب عليك المنع ، ويقال للولي الذي يرى أن لطفله على طفل غيره شيئا : اطلبه ، ويقال للمدعى عليه إذا عرف أنه لا شيء على طفله : لا تعطه ، ومانعه ، ويقول السيد لأحد العبدين : أوجبت عليك أن تأمر العبد الآخر ، ويقول للآخر : أوجبت عليك العصيان له .
، وبهذا تعرف أن قوله : عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46688مروهم بالصلاة لسبع } ليس خطابا من الشرع مع الصبي ، ولا إيجابا عليه مع أن الأمر واجب على الولي . فإن قيل : فلو قال للنبي : أوجبت عليك أن توجب على الأمة وقال للأمة : أوجبت عليكم خلافه .
قلنا : ذلك يدل على أن الواجب على النبي أن يقول : " أوجبت " لا على حقيقة الإيجاب ، فإن أراد حقيقة الإيجاب فهو متناقض بخلاف قوله : {
خذ من أموالهم صدقة } فإن ذلك لا يناقضه أمرهم بالمنع . فإن قيل : ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، والتسلم لا يتم إلا بالتسليم .
قلنا : لا يجب التسلم بل يجب الطلب فقط ، ثم إن وجب التسلم فذلك يتم بالتسليم المحرم ، وإنما يناقض التسلم انتفاء التسليم في نفسه لانتفاء علته ، وحكمه ، وبالجملة كما أن من أمر زيدا بضرب عمرو فلا يطلب من عمرو شيئا فكذلك إذا أمره يأمر عمرا فلا يطلب من عمرو شيئا .