صفحة جزء
مسألة الفعل المتعدي إلى مفعول اختلفوا في أنه بالإضافة إلى مفعولاته هل يجري مجرى العموم

الفعل المتعدي إلى مفعول اختلفوا في أنه بالإضافة إلى مفعولاته هل يجري مجرى العموم ؟

فقال أصحاب أبي حنيفة : لا عموم له حتى لو قال : والله لا آكل ، ونوى طعاما بعينه ، أو قال : إن أكلت فأنت طالق ، ونوى طعاما بعينه لم يقبل ، وكذلك إذا نوى بالضرب آلة بعينها . واستدل أصحاب أبي حنيفة بأن هذا من قبيل المقتضى فلا عموم له ، لأن الأكل يستدعي مأكولا بالضرورة لا أن اللفظ تعرض له ، فما ليس منطوقا لا عموم له فالمكان للخروج ، والطعام للأكل ، والآلة للضرب كالوقت للفعل ، والحال للفاعل ، ولو قال : " أنت طالق " ثم قال : " أردت به إن دخلت الدار " أو " أردت به يوم الجمعة " لم يقبل . وكذلك قالوا : لو نوى بقوله : " أنت طالق " عددا لم يجزه وجوز أصحاب الشافعي ذلك ، والإنصاف أن هذا ليس من قبيل المقتضى ، ولا هو من قبيل الوقت ، والحال ، فإن اللفظ المتعدي إلى المفعول يدل على المفعول بصيغته ، ووضعه ، فأما الحال ، والوقت فمن ضرورة وجود الأشياء لكن لا تعلق له بالألفاظ ، والمقتضى هو ضرورة صدق الكلام كقوله : لا صيام ، أو ضرورة وجود المذكور كقوله : أعتق عني فإنه على حصول الملك قبله لا من حيث اللفظ لكن من حيث كون الملك شرطا لتصور العتق شرعا ، أما الأكل فيدل على المأكول ، والضرب على الآلة ، والخروج على المكان ، وتتشابه نسبته إلى الجميع فهو بالعموم أشبه .

فإن قيل لا خلاف في أنه لو أمر بالأكل ، والضرب ، والخروج كان ممتثلا بكل طعام ، وبكل آلة وكل مكان ، ولو علق العتق حصل بالجميع ، فهذا يدل على العموم . قلنا : ليس ذلك لأجل العموم ، ولكن لأجل أن ما علق عليه وجدوا الآلة ، والمكان ، والمأكول غير متعرض له أصلا ، حتى لو تصور هذه الأفعال دون الطعام ، والآلة ، والمكان ، والمأكول يحصل الامتثال ، وهو كالوقت ، والحال فإنه إن أكل ، وهو داخل في الدار أو خارج وراكب أو راجل حنث وكان ممتثلا لا لعموم اللفظ لكن لحصول الملفوظ في الأحوال كلها ، وإنما تظهر فائدة العموم في إرادة بعض هذه الأمور . ، والأظهر عندنا جواز نية البعض ، وأنه جار مجرى العموم ، ومفارق للمقتضى كما ذكرنا

التالي السابق


الخدمات العلمية