وننقل الآن من أخبارهم
ما يدل على قولهم بالرأي ; فمن ذلك قول
أبي بكر لما سئل ، عن الكلالة : " أقول فيها برأيي فإن يكن صوابا فمن الله ، وإن يكن خطأ فمني ، ومن الشيطان ، والله ورسوله منه بريئان : الكلالة ما عدا الوالد ، والولد " . ، ومن ذلك أنه ورث أم الأم دون أم الأب ، فقال له بعض
الأنصار : لقد ورثت امرأة من ميت لو كانت هي الميتة لم يرثها ، وتركت امرأة لو كانت هي الميتة ورث جميع ما تركت فرجع إلى الاشتراك بينهما في السدس . ومن ذلك حكمه بالرأي في التسوية في العطاء ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : لا نجعل من ترك دياره ، وأمواله مهاجرا إلى النبي عليه السلام كمن دخل الإسلام كرها ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر : إنما أسلموا لله ، وأجورهم على الله ، وإنما الدنيا بلاغ ، ولما انتهت الخلافة إلى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فرق بينهم ، ووزع على تفاوت درجاتهم . واجتهاد
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر أن العطاء إذا لم يكن جزاء على طاعتهم لم يختلف باختلافها ، واجتهاد
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أنه لولا الإسلام لما استحقوها ، فيجوز أن يختلفوا ، وأن يجعل معيشة العالم أوسع من معيشة الجاهل .
ومن ذلك قول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه : " أقضي في الجد برأيي ، وأقول فيه برأيي " ، وقضى بآراء مختلفة ، وقوله من أحب أن يقتحم جراثيم جهنم فليقض في الجد برأيه " أي : الرأي العاري عن الحجة ، وقال لما سمع الحديث في الجنين : " لولا هذا لقضينا فيه برأينا " ، ولما قيل له في مسألة المشتركة : هب أن أبانا كان حمارا ألسنا من أم واحدة ؟ أشرك بينهم بهذا الرأي ، ومن ذلك أنه قيل
nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر : إن
nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة أخذ من تجار
اليهود الخمر في العشور ، وخللها ، وباعها ، فقال : قاتل الله
سمرة أما علم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=32423لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها ، وأكلوا أثمانها } ؟ فقاس
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر الخمر على الشحم ، وأن تحريمها تحريم لثمنها .
، وكذلك جلد
أبا بكرة لما لم يكمل نصاب الشهادة مع أنه جاء شاهدا في مجلس الحكم لا قاذفا ، لكنه قاسه على القاذف ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه : " اجتمع رأيي ورأي
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في أم الولد أن لا تباع ورأيت الآن بيعهن " فهو تصريح بالقول بالرأي .
وكذلك عهد
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر إلى
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري : " اعرف الأشباه ، والأمثال ثم قس الأمور برأيك " .
ومن ذلك قول
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر رضي الله عنهما في بعض الأحكام : " إن اتبعت رأيك فرأيك أسد ، وإن تتبع رأي من قبلك فنعم الرأي كان " ، فلو كان في المسألة دليل قاطع لما صوبهما جميعا ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان nindex.php?page=showalam&ids=8، وعلي رضي الله عنهما في الجمع بين الأختين المملوكتين : " أحلتهما آية ، وحرمتهما آية " .
، وقضى
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بتوريث المبتوتة بالرأي .
ومن ذلك قول
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه في حد الشرب من شرب هذى ، ومن هذى افترى ، فأرى عليه حد المفتري " ، وهو قياس للشرب على القذف ; لأنه مظنة القذف ، التفاتا إلى أن الشرع قد ينزل مظنة الشيء منزلته ، كما أنزل النوم منزلة الحديث ، والوطء في إيجاب العدة منزلة حقيقة شغل الرحم ، ونظائره .
، ومن ذلك قول
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود في المفوضة برأيه بعد أن استمهل شهرا ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود يوصي من يلي القضاء بالرأي ، ويقول : " الأمر في القضاء بالكتاب ، والسنة ، وقضايا الصالحين فإن لم يكن شيء من ذلك فاجتهد رأيك " ، ومن ذلك قول
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل للنبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=26963 : أجتهد رأيي عند فقد الكتاب ، والسنة فزكاه النبي عليه السلام } .
ومن ذلك قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس لمن قضى بتفاوت الدية في الأسنان لاختلاف منافعها : " كيف لم يعتبروا الأصابع ؟ " .
[ ص: 288 ] وقال في العول من شاء باهلته " الحديث ، ولما سمع نهيه عن بيع الطعام قبل أن يقبض قال : " لا أحسب كل شيء إلا مثله " ، وقال في المتطوع إذا بدا له الإفطار أنه كالمتبرع أراد التصدق بمال فتصدق ببعضه ، ثم بدا له ، ومن ذلك قول
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد في الفرائض ، والحجب ، وميراث الجد .
ولما ورث
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد ثلث ما بقي في مسألة زوج ، وأبوين قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أين ، وجدت في كتاب الله ثلث ما بقي ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد : أقول برأيي ، وتقول برأيك . فهذا ، وأمثاله مما لا يدخل تحت الحصر مشهور ، وما من مفت إلا ، وقد قال بالرأي ، ومن لم يقل ; فلأنه أغناه غيره عن الاجتهاد ، ولم يعترض عليهم في الرأي فانعقد إجماع قاطع على جواز القول بالرأي .
وجه الاستدلال أنه في هذه المسائل التي اختلفوا واجتهدوا فيها فلا يخلو إما أن يكون فيها دليل قاطع على حكم معين أو لم يكن ، فإن لم يكن ، وقد حكموا بما ليس بقاطع فقد ثبت الاجتهاد ، وإن كان فمحال إذ كان يجب على من عرف الدليل القاطع أن لا يكتمه ، ولو أظهره ، وكان قاطعا لما خالفه أحد ، ولو خالفه لوجب تفسيقه ، وتأثيمه ، ونسبته إلى البدعة ، والضلال ، ولوجب منعه من الفتوى ، ومنع العامة من تقليده ، هذا أقل ما يجب فيه إن لم يجب قتله ، وقد قال به قوم ، وإن كنا لا نراه .
وعلى الجملة فلو كان فيها دليل قاطع لكان المخالف فاسقا ، وكان المحق بالسكوت عن المخالف ، وترك دعوته إلى الحق فاسقا ، فيعم الفسق جميع الصحابة بل يعم العباد جميعهم ، وليس هذا كالعقليات ، فإن أدلتها غامضة قد لا يدركها بعض الخلق فلا يكون معاندا .
أما القاطع الشرعي فهو نص ظاهر ، وقد قال
أهل الظاهر : إنما يحكم بنص منطوق به أو بدليل ظاهر فيما ليس منطوقا به لا يحتمل التأويل ، كقوله تعالى : {
وورثه أبواه فلأمه الثلث } فمعقول هذا أن لأبيه الثلثين ، وقوله تعالى : {
فاسعوا إلى ذكر الله } فمعقوله تحريم التجارة ، والجلوس في البيت ، وقوله : {
ولا تظلمون فتيلا } ، و {
فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره } ، و {
فلا تقل لهما أف } فلم يرخص في الحكم في المسكوت عنه إلا في هذا الجنس ، ولا يخفى هذا على عامي فكيف خفي على الصحابة رضي الله عنهم مع جلالة قدرهم حتى نشأ الخلاف بينهم في المسائل ؟ هذا تمهيد الدليل ، وتمامه بدفع الاعتراضات
وقد يعترض الخصم عليه تارة بإنكار كون الإجماع حجة ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15414النظام ، وقد فرغنا من إثباته ، وتارة بإنكار تمام الإجماع في القياس من حيث إن ما ذكرنا منقول عن بعضهم ، وليس للباقين إلا السكوت ، وقد نقلوا عن بعضهم إنكار الرأي ، وتارة يسلمون السكوت لكن حملوه على المجاملة في ترك الاعتراض لا على الموافقة في الرأي ، وتارة يقرون بالإجماع ، ولا يكترثون بتفسيق الصحابة ، وتارة يردون رأيهم إلى العمومات ، ومقتضى الألفاظ ، وتحقيق مناط الحكم دون القياس .
فهذه مدارك اعتراضاتهم ، وهي خمسة :
الاعتراض الأول : قال
الجاحظ - حكاية عن
nindex.php?page=showalam&ids=15414النظام - : إن الصحابة لو لزموا العمل بما أمروا به ، ولم يتكلفوا ما كفوا القول فيه من إعمال الرأي ، والقياس ، لم يقع بينهم التهارج ، والخلاف ، ولم يسفكوا الدماء ، لكن لما عدلوا عما كلفوا ، وتخيروا ، وتآمروا ، وتكلفوا القول بالرأي جعلوا الخلاف طريقا ، وتورطوا فيما كان بينهم من القتل ، والقتال
وكذلك
الرافضة [ ص: 289 ] بأسرهم زعموا أن السلف بأسرهم تآمروا ، وغصبوا الحق أهله ، وعدلوا عن طاعة الإمام المعصوم المحيط بجميع النصوص المحيطة بالأحكام إلى القيامة ، فتورطوا فيما شجر بينهم من الخلاف .
وهذا اعتراض من عجز عن إنكار اتفاقهم على الرأي ففسق ، وضل ، ونسبهم إلى الضلال ، ويدل على فساد قوله ما دل على أن الأمة لا تجتمع على الخطأ ، وما دل على منصب الصحابة رضوان الله عليهم من ثناء القرآن ، والأخبار عليهم كما نذكر في كتاب الإمامة ، وكيف يعتقد العاقل القدح فيمن أثنى الله تعالى ورسوله عليهم بقول مبتدع مثل
nindex.php?page=showalam&ids=15414النظام ؟
الاعتراض الثاني : قولهم : لا يصح الرأي ، والقياس إلا من بعضهم ، وكذلك السكوت لا يصح إلا من بعضهم ، فإن فيهم من لم يخض في القياس ، وفيهم من لم يسكت عن الاعتراض قال
nindex.php?page=showalam&ids=15414النظام فيما حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=13974الجاحظ عنه : إنه لم يخض في القياس إلا نفر يسير من قدمائهم
nindex.php?page=showalam&ids=1كأبي بكر ،
nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان ،
nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت ،
nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب ،
nindex.php?page=showalam&ids=32ومعاذ بن جبل ، ونفر يسير من أحداثهم
nindex.php?page=showalam&ids=10كابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14وابن الزبير ، ثم شرع في ثلب العبادلة ، وقال : كأنهم كانوا أعرف بأحوال النبي عليه السلام من آبائهم ، وأثنى على
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير إذ تركا القول بالرأي ، ولم يشرعا .
، وقال
الداودية : لا نسلم سكوت جميعهم عن إنكار الرأي ، والتخطئة فيه ، إذ قال
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر : أي سماء تظلني ، وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله برأيي ، وقال : أقول في الكلالة برأيي فإن يكن خطأ فمني ، ومن الشيطان ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر رضي الله عنهما في قصة الجنين : إن اجتهدوا فقد أخطئوا ، وإن لم يجتهدوا فقد غشوا . ، وقالت
عائشة رضي الله عنها : أخبروا
nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب لفتواه بالرأي في مسألة العينة . ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : من شاء باهلته أن الله لم يجعل في المال النصف ، والثلثين ، وقال : ألا يتقي الله
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت يجعل ابن الابن ابنا ، ولا يجعل أبا الأب أبا ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود في مسألة المفوضة : إن يك خطأ فمني ، ومن الشيطان ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : إياكم ، وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها فقالوا بالرأي فضلوا ، وأضلوا ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=7، وعثمان رضي الله عنهما : لو كان الدين بالرأي لكان المسح على باطن الخف أولى من ظاهره ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه : اتهموا الرأي على الدين فإن الرأي منا تكلف ، وظن ، وإن الظن لا يغني من الحق شيئا ، وقال أيضا : إن قوما يفتون بآرائهم ، ولو نزل القرآن لنزل بخلاف ما يفتون ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : قراؤكم وصلحاؤكم يذهبون ، ويتخذ الناس رؤساء جهالا يقيسون ما لم يكن بما كان ، وقال أيضا : إن حكمتم في دينكم بالرأي أحللتم كثيرا مما حرمه الله ، وحرمتم كثيرا مما أحله الله ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : إن الله لم يجعل لأحد أن يحكم في دينه برأيه ، وقال الله تعالى لنبيه عليه السلام : {
لتحكم بين الناس بما أراك الله } ، ولم يقل " بما رأيت " ، وقال : إياكم ، والمقاييس فما عبدت الشمس إلا بالمقاييس ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : ذروني من أرأيت وأرأيت .
وكذلك أنكر التابعون القياس قال
الشعبي : ما أخبروك عن أصحاب
أحمد فاقبله ، وما أخبروك عن رأيهم فألقه في الحش إن السنة لم توضع بالمقاييس . ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق بن الأجدع : لا أقيس شيئا بشيء أخاف أن تزل قدم بعد ثبوتها .
والجواب من أوجه :
الأول : أنا بينا بالقواطع من جميع الصحابة الاجتهاد
[ ص: 290 ] والقول بالرأي ، والسكوت عن القائلين به ، وثبت ذلك بالتواتر في وقائع مشهورة ، كميراث الجد ، والإخوة ، وتعيين الإمام بالبيعة ، وجمع المصحف ، والعهد إلى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بالخلافة ، وما لم يتواتر كذلك فقد صح من آحاد الوقائع بروايات صحيحة لا ينكرها أحد من الأمة ما أورث علما ضروريا بقولهم بالرأي ، وعرف ذلك ضرورة كما عرف سخاء
حاتم ، وشجاعة
nindex.php?page=showalam&ids=8علي فجاوز الأمر حدا يمكن التشكك في حكمهم بالاجتهاد ، وما نقلوه بخلافه فأكثرها مقاطيع ، ومروية عن غير ثبت ، وهي بعينها معارضة برواية صحيحة عن صاحبها بنقيضه فكيف يترك المعلوم ضرورة بما ليس مثله ؟ ولو تساوت في الصحة لوجب اطراح جميعها ، والرجوع إلى ما تواتر من مشاورة الصحابة واجتهادهم .
الثاني : أنه لو صحت هذه الروايات ، وتواترت أيضا لوجب الجمع بينها ، وبين المشهور من اجتهاداتهم .
فيحمل ما أنكروه على الرأي المخالف للنص أو الرأي الصادر عن الجهل الذي يصدر ممن ليس أهلا للاجتهاد أو وضع الرأي في غير محله ، والرأي الفاسد الذي لا يشهد له أصل ، ويرجع إلى محض الاستحسان ، ووضع الشرع ابتداء من غير نسج على منوال سابق ، وفي ألفاظ روايتهم ما يدل عليه إذ قال : اتخذ الناس رؤساء جهالا ، وقال : لو قالوا بالرأي لحرموا الحلال ، وأحلوا الحرام . فإذا القائلون بالقياس مقرون بإبطال أنواع من الرأي ، والقياس ، والمنكرون للقياس لا يقرون بصحة شيء منه أصلا ، ونحن نقر بفساد أنواع من الرأي ، والقياس كقياس أصحاب الظاهر ، إذ قالوا : الأصول لا تثبت قياسا فلتكن الفروع كذلك
ولا تثبت الأصول بالظن فكذلك الفروع ، وقالوا لو كان في الشريعة علة لكانت كالعلة العقلية فقاسوا الشيء بما لا يشبهه . فإذا إن بطل كل قياس فليبطل قياسهم ورأيهم في إبطال القياس أيضا ، وذلك يؤدي إلى إبطال المذهبين .
الاعتراض الثالث : أن دليل الإجماع إنما تم بسكوت الباقين ، وأن ذلك لو كان باطلا لأنكروه . فنقول : لعلهم سكتوا على سبيل المجاملة ، والمصالحة خيفة من ثوران فتنة النزاع أو سكتوا عن إظهار الدليل لخفائه .
والدليل عليه أن مسائل الأصول فيها قواطع ، وقد اختلف الأصوليون في صيغة الأمر وصيغة العموم ، والمفهوم ، واستصحاب الحال ، وأفعال النبي عليه السلام بل في أصل خبر الواحد ، وأصل القياس ، وأصل الإجماع ، وفي هذه المسائل أدلة قاطعة عندكم في النفي ، والإثبات ، ولم ينقل عن الصحابة ، والتابعين التأثيم ، والتفسيق فيها
، والجواب : أن حمل سكوتهم على المجاملة ، والمصالحة ، واتقاء الفتنة محال ; لأنهم اختلفوا في المسائل ، وتناظروا ، وتحاجوا ، ولم يتجاملوا ، ثم افترقت بهم المجالس عن اجتهادات مختلفة ، ولم ينكر بعضهم على بعض ، ولو كان ذلك بالغا مبلغا قطعيا لبادروا إلى التأثيم ، والتفسيق كما فعلوا
بالخوارج ، والروافض ، والقدرية ، وكل من عرف بقاطع فساد مذهبهم .
وأما سكوتهم لخفاء الدليل فمحال ، فإن قول القائل لغيره : لست شارعا ، ولا مأذونا من جهة الشارع فلم تضع أحكام الله برأيك ، ليس كلاما خفيا تعجز على دركه الأفهام ، وكل من قاس بغير إذن فقد شرع . فلولا علمهم حقيقة بالإذن لكانوا ينكرون على من يسامي رسول الله صلى الله عليه وسلم في وضع الشرع ، واختراع الأحكام ، وأما ما ذكروه من مسائل الأصول فليس بين الصحابة خلاف في صحة القياس ، ولا في خبر الواحد ، ولا في الإجماع بل أجمعوا عليه
[ ص: 291 ] وبإجماعهم تمسكنا في هذه القواعد .
وأما العموم ، والمفهوم وصيغة الأمر فقلما خاضوا في هذه المسائل بتجريد النظر فيها خوض الأصوليين ، ولكن كانوا يتمسكون في مناظراتهم بالعموم ، والصيغة ، ولم يذكروا أنا نتمسك بمجرد الصيغة من غير قرينة بل كانت القرائن المعرفة للأحكام المقترنة بالصيغ في زمانهم غضة طرية متوافرة متظاهرة فما جردوا النظر في هذه المسائل ، كيف ، وقد قال بعض الفقهاء : ليس في هذه المسائل سوى خبر الواحد ، وأصل القياس ، والإجماع أدلة قاطعة بل هي في محل الاجتهاد ؟ فمن سلك هذا الطريق اندفع عنه الإشكال .
، وإن لم يكن هذا مرضيا عند المحققين من الأصوليين ، فإن هذه أصول الأحكام فلا ينبغي أن تثبت إلا بقاطع لكن الصحابة لم يجردوا النظر فيها ، وبالجملة من اعتقد في مسألة دليلا قاطعا فلا يسكت عن تعصية مخالفه ، وتأثيمه كما سبق في حق
الخوارج ، والروافض ، والقدرية .
الاعتراض الرابع : قولهم إن ما ذكرتموه نقل للحكم بالظن ، والاجتهاد ، فلعلهم عولوا فيه على صيغة عموم وصيغة أمر ، واستصحاب حال ، ومفهوم لفظ ، واستنباط معنى صيغة من حيث الوضع ، واللغة في جمع بين آيتين ، وخبرين وصحة رد مقيد إلى مطلق ، وبناء عام على خاص ، وترجيح خبر على خبر ، وتقرير على حكم العقل الأصلي ، وما جاوز هذا ، فكان اجتهادهم في تحقيق مناط الحكم لا في تنقيحه ، واستنباطه ، والحكم إذا صار معلوما بضابط فتحقيق الضابط في كل محل يحتاج إلى اجتهاد لا ننكره فقد علموا قطعا أنه لا بد من إمام
، وعلموا أن الأصلح ينبغي أن يقدم ، وعرفوا بالاجتهاد الأصلح إذ لا بد منه ، ولا سبيل إلى معرفته إلا بالاجتهاد ، وعرفوا أن حفظ القرآن عن الاختلاط ، والنسيان واجب قطعا ، وعلموا أنه لا طريق إلى حفظه إلا الكتبة في المصحف . فهذه أمور علقت على المصلحة نصا ، وإجماعا ، ولا يمكن تعيين المصلحة في الأشخاص ، والأحوال إلا بالاجتهاد فهو من قبيل تحقيق المناط للحكم ، وما جاوز هذا من تشبيه مسألة بمسألة ، واعتبارها بها كان ذلك في معرض النقض بخيال فاسد لا في معرض اقتباس الحكم ، كقول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في دية الأسنان كيف لم يعتبروا بالأصابع إذ عللوا اختلاف دية الأسنان باختلاف منافعها ، وذلك منقوض
بالأصابع ، ونحن لا ننكر أن النقض من طرق إفساد القياس ، وإن كان القياس فاسدا بنفسه أيضا ، وكذلك قول
nindex.php?page=showalam&ids=8علي أيضا : أرأيت لو اشتركوا في السرقة حيث توقف
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر عن قتل سبعة بواحد فإنه لما تخيل كون الشركة مانعا بنوع من القياس نقضه
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بالسرقة فإذا ليس في شيء مما ذكرتموه ما يصحح القياس أصلا ، والجواب : أن هذا اعتراف بأنه لا حاجة في الحكم إلى دليل قاطع ، وأن الحكم بالظن جائز
، والإنصاف الاعتراف بأنه لو لم يثبت إلا هذا النوع من الظن لكنا لا نقيس ظن القياس على ظن الاجتهاد في مفهوم الألفاظ ، وتحقيق مناط الأحكام إذ يجوز أن يتعبد بنوع من الظن دون نوع ، ولكن بان لنا على القطع أن اجتهاد الصحابة لم يكن مقصورا على ما ذكروه بل جاوزوا ذلك إلى القياس ، والتشبيه ، وحكموا بأحكام لا يمكن تصحيح ذلك إلا بالقياس ، وتعليل النص ، وتنقيح مناط الحكم ، وذلك كعهد
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر إلى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنهما ، فإنه قاس العهد
[ ص: 292 ] على العقد بالبيعة ، وقياس
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الزكاة على الصلاة في قتال من منع الزكاة ورجوع
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر إلى توريث أم الأب قياسا على أم الأم .
، وقياس
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر الخمر على الشحم في تحريم ثمنه ، وقياسه الشاهد على القاذف في حد
nindex.php?page=showalam&ids=130أبي بكرة ، وتصريح
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بالقياس على الافتراء في حد الشرب ، ولسنا نعني بالقياس إلا هذا الجنس ، وهو معلوم منهم ضرورة في وقائع لا تحصى ، ولا تنحصر ، ولنعين مسألتين مشهورتين نقلتا على التواتر ، وهي مسألة الجد ، والإخوة ، ومسألة الحرام .
أما في
قوله : " أنت علي حرام ألحقه بعضهم بالظهار ، وبعضهم بالطلاق ، وبعضهم باليمين ، وكل ذلك قياس ، وتشبيه في مسألة لا نص فيها ، إذ النص ورد في المملوكة في قوله تعالى {
يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك } ، والنزاع وقع في المنكوحة ، فكان من حقهم أن يقولوا :
هذه لفظة لا نص فيها في النكاح فلا حكم لها ، ويبقى الحل ، والملك مستمرا كما كان ; لأن قطع الحل ، والملك أو إيجاب الكفارة يعرف بنص أو قياس على منصوص ، ولا نص ، والقياس باطل فلا حكم ، فلم قاسوا المنكوحة على الأمة ؟ ولم قاسوا هذا اللفظ على لفظ الطلاق ، وعلى لفظ الظهار ، وعلى لفظ اليمين ، ولم يقل أحد من الصحابة قد أغناكم الله عن إثبات حكم في مسألة لا نص فيها ؟ وكذلك الجد وحده عصبة بالنص ، والأخ وحده عصبة ، ولا نص عند الاجتماع فقضوا حيث لا نص بقضايا مختلفة وصرحوا بالتشبيه بالحوضين ، والخليجين وصرح من قدم الجد ، وقال :
ابن الابن ابن فليكن أبو الأب أبا وصرح من سوى بينهما بأن الأخ يدلى بالأب ، والجد أيضا يدلي به ، والمدلى به واحد ، والإدلاء
مختلف ; فقاسوا الإدلاء بجهة الأبوة على الإدلاء بجهة البنوة مع أن البنوة قد تفارق الأبوة في أحكام ، وكذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد في
مسألة زوج ، وأبوين : للأم ثلث ما بقي ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أين رأيت في كتاب الله تعالى ثلث ما بقي ؟ فقال : أقول برأيي ، وتقول برأيك
nindex.php?page=showalam&ids=47فزيد قاس حال وجود الزوج على ما إذا لم يكن زوج ، إذ يكون للأب ضعف ما للأم ، فقال : نقدر كأن الباقي بعد الزوج ، والزوجة كل المال ، ونقدر كأن الزوج لم يكن .
، وكذلك من فتش عن اختلافاتهم في مسائل الفرائض ، وغيرها علم ضرورة سلوكهم طرق المقايسة ، والتشبيه ، وأنهم إذا رأوا فارقا بين محل النص ، وغيره ورأوا جامعا .
وكان الجامع في اقتضاء الاجتماع أقوى في القلب من الفارق في اقتضاء الافتراق مالوا إلى الأقوى الأغلب ، فإنا نعلم أنهم ما طلبوا المشابهة من كل وجه إذ لو تشابها من كل وجه لاتحدت المسألة ، ولم تتعدد ، فيبطل التشبيه ، والمقايسة ، وكانوا لا يكتفون بالاشتراك في أي وصف كان بل في وصف هو مناط الحكم ، وكون ذلك الوصف مناطا لو عرفوه بالنص لما بقي للاجتهاد ، والخلاف مجال ، فكانوا يدركون ذلك بظنون ، وأمارات ، ونحن أيضا نشترط ذلك في كل قياس كما سيأتي في باب إثبات علة الأصل .
الاعتراض الخامس : أن الصحابة إن قالوا بالقياس اختراعا من تلقاء أنفسهم فهو محال ، وإن قالوا به عن سماع من النبي عليه السلام ، فيجب إظهار مستندهم ، والتمسك به ، فإنكم تسلمون أنه لا حجة فيما أبدعوه ، ووضعوه .
ونحن نسلم وجوب الاتباع فيما سمعوه ، فإنه إذا قال عليه السلام : إذا غلب على ظنكم أن مناط الحكم بعض الأوصاف فاتبعوه . فإن الأمر كما ظننتموه أو حكم الظان على ما ظنه فهي علامة في حقه ، وغير علامة في حق من ظنه
[ ص: 293 ] بخلافه فلا ينكر وجوب قبول هذا لو صرح به ، فإنه إذا قال : إذا ظننتم أن زيدا في الدار فاعلموا أن عمرا في الدار ، واعلموا أني حرمت الربا في البر ، لكنا نقطع بتحريم البر ، وكون عمرو في الدار مهما ظننا أن زيدا في الدار ، فإن هذا يرجع إلى القول بالقياس ، ولكن من أين فهم الصحابة هذا ، وليس في الكتاب ، والسنة ما يدل عليه ؟ والجواب من وجهين :
أحدهما : أن هذه مؤنة كفيناها ، فإنهم مهما أجمعوا على القياس فقد ثبت بالقواطع أن الأمة لا تجتمع على الخطأ ، بل لو وضعوا القياس ، واخترعوا استصوابا برأيهم ، ومن عند أنفسهم لكان ذلك حقا واجب الاتباع ، فلا يجمع الله أمة
محمد عليه السلام على الخطأ فلا حاجة بنا إلى البحث عن مستندهم .
الثاني : هو أنا نعلم أنهم قالوا ذلك عن مستندات كثيرة خارجة عن الحصر ، وعن دلالات ، وقرائن أحوال ، وتكريرات ، وتنبيهات تفيد علما ضروريا بالتعبد بالقياس وربط الحكم بما غلب على الظن كونه مناطا للحكم ، لكن انقسمت تلك المستندات إلى ما اندرس فلم ينقل اكتفاء بما علمته الأمة ضرورة ، وإلى ما نقل ، ولكن لم يبق في هذه الأعصار إلا نقل الآحاد ، ولم يبق على حد التواتر ، ولا يورث العلم ، وإلى ما تواتر ، ولكن آحاد لفظها يتطرق الاحتمال ، والتأويل إليه فلا يحصل العلم بآحادها ، وإلى ما هي قرائن أحوال يعسر وصفها ، ونقلها فلم تنقل إلينا فكفينا مؤنة البحث عن المستند لما علمناه على التواتر من إجماعهم .
ونحن مع هذا نشيع القول في شرح مستندات الصحابة ، والألفاظ التي هي مدارك تنبيهاتهم للتعبد بالقياس ، وذلك من القرآن قوله تعالى : {
فاعتبروا يا أولي الأبصار } إذ معنى الاعتبار العبور من الشيء إلى نظيره إذا شاركه في المعنى ، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس هلا اعتبروا بالأصابع وقوله تعالى : {
لعلمه الذين يستنبطونه منهم } ، وقوله : {
ما فرطنا في الكتاب من شيء } ، وليس في الكتاب مسألة الجد ، والإخوة ، ومسألة الحرام إذا لم يكن الاقتباس من المعاني التي في الكتاب .
، وقد تمسك القائلون بالقياس بهذه الآيات ، وليست مرضية ; لأنها ليست بمجردها نصوصا صريحة إن لم تنضم إليها قرائن ، ومن ذلك {
nindex.php?page=hadith&LINKID=26963قوله عليه السلام nindex.php?page=showalam&ids=32لمعاذ : بم تحكم قال : بكتاب الله ، وسنة نبيه قال : فإن لم تجد قال : أجتهد رأيي فقال : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضاه رسول الله } .
وهذا حديث تلقته الأمة بالقبول ، ولم يظهر أحد فيه طعنا ، وإنكارا ، وما كان كذلك فلا يقدح فيه كونه مرسلا بل لا يجب البحث عن إسناده ، وهذا كقوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=24642لا وصية لوارث } و {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30653لا تنكح المرأة على عمتها } و {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31283لا يتوارث أهل ملتين } ، وغير ذلك مما علمت به الأمة كافة ، إلا أنه نص في أصل الاجتهاد ، ولعله في تحقيق المناط ، وتعيين المصلحة فيما علق أصله بالمصلحة فلا يتناول القياس إلا بعمومه ، ومن ذلك قوله
nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر حين تردد في قبلة الصائم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=796أرأيت لو تمضمضت أكان عليك من جناح ؟ فقال : لا فقال : فلم إذا ؟ } فشبه مقدمة الوقاع بمقدمة الشرب ، لكنه ليس بصريح إلا بقرينة إذ يمكن أن يكون ذلك نقضا لقياسه حيث ألحق مقدمة الشيء بالشيء ، فقال : إن كنت تقيس غير المنصوص على المنصوص ; لأنه مقدمته فألحق المضمضة بالشرب ، ومن ذلك قوله عليه السلام
للخثعمية : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=800أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيتيه أكان ينفعه ؟ قالت : نعم قال : فدين الله أحق بالقضاء }
[ ص: 294 ] فهو تنبيه على قياس دين الله تعالى على دين الخلق ، ولا بد من قرينة تعرف القصد أيضا ، إذ لو كان لتعليم القياس لقيس عليه الصوم ، والصلاة .
ومن ذلك قوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29290كنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي لأجل الدافة أي : القافلة فادخروا } فبين أنه ، وإن سكت عن العلة فقد كان النهي لعلة ، وقد زالت العلة فزال الحكم ، ومن ذلك قوله عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9088 : أينقص الرطب إذا يبس ؟ فقيل : نعم ، فقال : فلا إذا } . وقوله تعالى {
كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم } ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=54لأم سلمة ، وقد سئلت عن قبلة الصائم : {
ألا أخبرتيه أني أقبل ، وأنا صائم } تنبيها على قياس غيره عليه وروت
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة رضي الله عنها أنه قال :
{
nindex.php?page=hadith&LINKID=12758إني أقضي بينكم بالرأي فيما لم ينزل فيه وحي } ، ودل عليه قوله تعالى : {
لتحكم بين الناس بما أراك الله } ، وليس الرأي إلا تشبيها ، وتمثيلا بحكم ما هو أقرب إلى الشيء ، وأشبه به ، وإذا ثبت أنه كان مجتهدا بالأمر ، وثبت اجتهاد الصحابة فيعلم أنهم اجتهدوا بالأمر ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر يا أيها الناس إن الرأي كان من النبي عليه السلام مصيبا فإن الله تعالى كان يسدده ، وإنما هو من الظن ، والتكلف ، فلم يفرق إلا في العصمة ، ومن ذلك {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2226أمره nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ أن يحكم في بني قريظة برأيه فأمرهم بالنزول على حكمه فأمر بقتلهم ، وسبي نسائهم ، فقال عليه السلام : لقد وافق حكمه حكم الله } ومن ذلك قوله {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9555 : إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر ، وإن أصاب فله أجران } ، ومن ذلك أنه عليه السلام {
شاور الصحابة في عقوبة الزنا ، والسرقة قبل نزول الحد } ، ومن ذلك قوله عليه السلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=32423لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها ، وباعوها ، وأكلوا أثمانها } علل تحريم ثمنها بتحريم أكلها ، واستدل
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بهذا في الرد على
سمرة حيث أخذ الخمر في عشور الكفار ، وباعها .
ومن تعليلاته بعض الأحكام كقوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30126لا تخمروا رأسه فإنه يحشر ملبيا } ، وقوله في الشهداء مثل ذلك ، وقوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12713إنها من الطوافين عليكم ، والطوافات } ، وقوله {
nindex.php?page=hadith&LINKID=119286في الذي ابتاع غلاما ، واستغله ثم رده الخراج بالضمان } : فهذه أجناس لا تدخل تحت الحصر ، وآحادها لا تدل دلالة قاطعة ، ولكن لا يبعد تأثير اقترانها مع نظائرها في إشعار الصحابة بكونهم متعبدين بالقياس ، والله أعلم .